تُعتبر مراقبة الأسعار إحدى الأدوات الرئيسية التي تعتمدها الحكومة المغربية في سياستها الاقتصادية والاجتماعية، بهدف حماية القدرة الشرائية للمواطنين ومنع الارتفاعات غير المبررة في أسعار السلع الأساسية. لكن هل هذه السياسة فعّالة حقاً، وهل هي خالية من السلبيات؟ يُثير هذا السؤال نقاشاً واسعاً بين الاقتصاديين والخبراء، فبينما يرون البعض فيها ضرورة حيوية. يُشير آخرون إلى محدوديتها وحتى سلبياتها المحتملة.
تستند سياسة مراقبة الأسعار في المغرب إلى مجموعة من القوانين والتشريعات، من أبرزها القانون رقم 31-08 المتعلق بمكافحة الغش والتدليس. والذي يُعاقب المتلاعبين بأسعار السلع الأساسية. كما تقوم وزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي بدور رئيسي في مراقبة الأسعار، من خلال القيام بحملات تفتيش ومراقبة منتظمة على المحلات التجارية والأسواق للتأكد من التزام التجار بالأسعار المحددة. وتشمل هذه المراقبة سلعاً أساسية كالحليب والسكر والزيت والخبز، وغيرها من المنتجات التي تُعتبر حساسة للمستهلكين.
و الجدير بالذكر أن هذه السياسة حققت بعض النجاحات، خاصة في منع الارتفاعات المفاجئة والغير مبررة في أسعار بعض السلع الأساسية.والتي قد تؤثر بشكل سلبي على القدرة الشرائية للفئات الهشة من المجتمع. كما ساهمت هذه المراقبة في كبح جشع بعض التجار ومنع ممارسات الاحتكار والتلاعب بالأسعار.
مع ذلك، تواجه سياسة مراقبة الأسعار عدة تحديات ومعيقات. فمن أبرز هذه التحديات صعوبة التحكم في جميع الأسواق والمحلات التجارية. خاصة في الأسواق غير المنظمة. كما أن تحديد الأسعار بشكل إداري قد يؤدي إلى نقص في العرض وإلى ظهور سوق سوداء للبضائع، مما يُعقّد المسألة ويُزيد من معاناة المستهلكين.
بالإضافة إلى ذلك، قد تُعيق سياسة مراقبة الأسعار الاستثمار في القطاعات المنتجة للأغذية، حيث يُمكن أن يُؤدي تحديد الأسعار إلى انخفاض هامش ربح الشركات وإلى تراجع الحوافز للاستثمار في هذه القطاعات، مما يُؤدي إلى تراجع الإنتاج وتفاقم أزمة العرض.
لذلك، يُعتبر إيجاد توازن دقيق بين مراقبة الأسعار وحماية المستهلكين. وبين تشجيع الاستثمار وتحفيز المنتجين، أمراً بالغ الأهمية. وتتطلب هذه المسألة تبني مقاربة شمولية تعتمد على التشاور بين جميع الأطراف المعنية، وتُركز على تحسين كفاءة الأسواق . وتعزيز المنافسة، وتطوير القطاعات المنتجة للسلع الأساسية. فمراقبة الأسعار، سيف ذو حدين، يجب استخدامه بحكمة لتحقيق المنفعة المرجوة وليس التسبب في مشاكل أكبر