جريدة

مراكش : عمليات ترميم متسارعة للمعالم التاريخية المتضررة من زلزال الحوز

ميديا أونكيت 24

تعيش مدينة مراكش على وقع عملية ترميم غير مسبوقة للمعالم التاريخية والتراثية التي تأثرت بزلزال الحوز، حيث تواصل السلطات المعنية العمل بوتيرة متسارعة لإعادة هذه الروافد الحضارية إلى سابق عهدها، في احترام تام لتقنيات البناء التقليدية والمعايير العالمية المضادة للزلازل.

وشملت عمليات الترميم، التي تطلبت تعبئة شركات متخصصة وحرفيين ومعلمين تقليديين، العديد من المتاحف والأسوار والمآثر التاريخية، بما في ذلك قبور السعديين وقصر البديع وقصر الباهية، والتي لم تتضرر سوى بأضرار جزئية وانهيارات محدودة، وذلك بفضل متانة بنائها التقليدي.

 

وبعد الزلزال، وضعت وزارة الثقافة برنامجاً استعجالياً هدَف إلى تقييم الأضرار وتأمين البنايات وإطلاق الأشغال ذات الأولوية، مما مكّن من إعادة فتح هذه المواقع أمام السياح والزوار منذ أكتوبر 2023، وهو ما يعكس الجهد الكبير الذي بذل في وقت قياسي.

 

وفي تفاصيل المشاريع الجارية، كشفت حسناء الحداوي، محافظة قصر البديع، أن هذا المعلم التاريخي تعرض لأضرار جزئية تطلبت في مرحلة أولى تدخلات استعجالية، قبل أن يُطلق برنامج ترميم شامل تبلغ كلفته الإجمالية 31.7 مليون درهم.

وأشارت الحداوي إلى الصعوبات التي واجهت عملية الترميم، والتي تمت مواجهتها بإجراءات تقنية صارمة وبمشاركة عدد من المتدخلين، من بينهم مكاتب الدراسات والمختبرات والتقنيين والمؤرخين والمحافظين، فضلاً عن لجان متعددة التخصصات كُلِّفت بإعداد دفتر التحملات قبل بدء الأشغال.

وبلغت نسبة تقدم الأشغال في قصر البديع، التي من المتوقع أن تمتد على مدى 18 شهراً، حوالي 40 في المائة، وذلك بفضل المتابعة اليومية من قبل مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك تقنو مصلحة المحافظة ومفتشية المباني التاريخية والمديرية الجهوية للثقافة بمراكش.

من جانبها، أوضحت حنان لبشير، محافظة قصر الباهية، أن هذا المعلم العريق تعرض بدوره لأضرار جزئية إثر الزلزال، شملت شقوقاً وانهياراً جزئياً في الرياض الكبير والمنزه (الطابق العلوي).

وأضافت أن القصر أعاد فتح أبوابه أمام الزوار بعد شهر واحد فقط من الزلزال، بعد تدخلات استعجالية، فيما استغرقت الدراسة اللاحقة – الهادفة إلى إعداد دفتر تحملات للترميم – سنة كاملة.

وانطلقت أشغال الترميم في قصر الباهية قبل سنة، وشملت بنيته وحدائقه وأسواره وباقي أجنحته، ووصلت نسبة التقدم فيها إلى 30 في المائة، في مسعىً يهدف إلى الحفاظ على طابعه المعماري الفريد وإرجاعه إلى حاله.

التزام بالهوية وإرث حضاري

تبقى عمليات الترميم الجارية في مراكش مثالاً على التزام المملكة المغربية بالحفاظ على إرثها الحضاري والمعماري، حيث تجتمع التقنيات الحديثة المضادة للزلازل مع الخبرة التقليدية في البناء، لضمان بقاء هذه الشواهد التاريخية شامخة تتحدى الزمن والطبيعة، وتستمر في استقبال الزوار من جميع أنحاء العالم.