جريدة

مقترحات متباينة لتعديل مدونة الأسرة (باحتين)

انتهت اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة من استقبال  مقترحات العديد من  الفاعلين في الساحة المجتمعية المغربية، من  أحزاب سياسية ومنظمات مدنية، خلال أسابيع من المشاورات، استقبلت فيها اللجنة مقترحاتهم لتعديل مدونة الأسرة.

 

 

 

 

 

 

وبطبيعة الحال، فهذه المقترحات مختلفة فيما بينها، لكونها في الأساس تمثل توجهات مجتمعية متباينة ما بين الحداثية والمحافظة والوسطية، وبالتالي فكل توجه حاول بلورة أفكاره وفق قناعاته، ممنيا النفس أن يجدها بنودا قانونية ضمن مدونة الأسرة المستقبلية.

 

 

 

 

 

وبعد انتهاء زمن المشاورات، تدخل اللجنة المكلفة بتعديل مدونة الأسرة في الوقت الراهن مرحلة الحسم في التعديلات التي ستطال النص الأصلي، وستجد نفسها أمام مقترحات متباينة فيما بينها تصل إلى حد التعارض في نقاط مختلفة.

 

 

 

 

 

 

يثير هذا الإشكال الكثير من التساؤلات حول الطريقة التي ستنهجها اللجنة المعنية من أجل إخراج وثيقة قانونية وطنية تكون أكثر شمولية وتجيب عن انتظارات مختلف التوجهات والأيديولوجيات داخل المجتمع، بشكل يجعل مختلف الفرقاء يجدون أنفسهم داخل فلسفة المدونة ككل، لا خارجها.

 

 

 

عبد العزيز خليل، باحث قانوني، قال إن “فلسفة التشريع في الأساس تعني أن يكون معبرا عن توجه معين داخل المجتمع، أما المجتمع المغربي فيعد مجتمعا معتدلا نوعا ما على الرغم من وجود تيارات محافظة وتقدمية حداثية، ولذلك نبقى بالمملكة أمام تيارات متقاربة تتناقش وتتقبل الرأي الآخر إذا أقام الحجة والدليل، ولعل أبرز مثال على ذلك هو أنه في آخر تعديل للمدونة شهدنا خروج مسيرتين مختلفتين، الأولى تمثل التوجه المحافظ والثانية تمثل التوجه الحداثي”.

 

 

 

 

 

 

وأضاف خليل، ، أن “التوجه الحداثي يبقى الطاغي على المشهد حاليا، حيث يستمد قوته من التشكيلة الحكومية الحالية بخصوص نظرتها إلى الموضوع، وهو ما يمكن أن يؤثر على اتجاه مدونة الأسرة، غير أن المغرب معروف بوجود قيادة ملكية تحرص على أن يكون لجميع الآراء صداها ضمن هذا التشريع الوطني”.

 

 

 

 

 

وأوضح المتحدث أن “هذا النص القانوني الذي نتحدث عنه سيكون مجسدا للتوافق الوطني، فالهيأة المحدثة هي الأخرى تعد متعددة المشارب، وبالتالي فالمدونة ستسعى إلى التوفيق بين هذه الآراء من خلال تعديل ما لا يعتبر خطا أحمر، من قبيل تزويج القاصرين، إلى جانب الأمور التي لا تشكل خطا أحمر لدى المؤسسات الوطنية، ولذلك فالمدونة المقبلة ستكون تقدمية وفي الحدود المعقولة”.

محمد ألمو، خبير قانوني محام بهيئة الرباط، قال إن “المذكرات التي تم التوصل بها من قبل الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة غالبا ما ستكون متقاطعة في مضامينها، وستهم أساسا محاولة تقديم الإجابة عن مختلف النواقص التي أبان عنها واقع الاشتغال بالمدونة الأخيرة على مدار 20 سنة الماضية”.

 

 

 

 

 

وأفاد ألمو، ، بأن “مدونة الأسرة المستقبلية من غير المستبعد أن تحمل جديدا بخصوص جوانب تهم الولاية على الأبناء والأطفال المزدادين خارج إطار الزواج، إلى جانب مسألة الإرث بالتعصيب، فضلا عن الأموال المنشأة داخل بيت الزوجية، حيث كانت هذه المسائل قد أثارت جدلا خلال العقدين الماضيين”.

 

 

 

 

وأشار الخبير القانوني إلى أن “النسخة المعدلة من مدونة الأسرة لن تكون مُرضية للجميع كما يصورها البعض، فالغاية الأسمى من أي قانون هو أن يكون منصفا ومراعيا للمصالح الفضلى التي يتوجه نحو حمايتها”، لافتا إلى أن “الهيأة المكلفة بالموضوع يُتوجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار تراكمات العمل القضائي، فضلا عن التوجه نحو طرح إجابات عن المشاكل التي لم نجد لها حلا خلال فترة ما بعد 2004”.