عشية أول مناظرة رئاسية بينهما، لكل من جو بايدن ودونالد ترامب رؤية مختلفة جدا لدور الولايات المتحدة في العالم، إن من حيث الأسلوب أو الجوهر.
وتسلط المناظرة النادرة من نوعها بين رئيس حالي ورئيس سابق الضوء على التناقضات الصارخة بينهما. خلال فترة رئاسته بين 2017 و2021، تعهد ترامب بوضع “أمريكا أولا” مع نظرة قتالية وأحيانا انعزالية للعالم؛ بينما تولى بايدن منصبه في 2021 تحت شعار “أمريكا عادت” ما أعاد إحياء العلاقات مع الحلفاء.
لكن الرئيسين يتفقان في عدد من القضايا الرئيسية؛ فقد تمسك كل منهما بضرورة سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، معتبرين أن أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة لا تستحق التكلفة التي تكبدتها من دماء وأموال.
غير أن كلا منهما انتقد الآخر بشأن التطبيق، مثل خلافاتهما العلنية القوية حول معظم القضايا.
روسيا وأوكرانيا
قاد بايدن جهودا دولية لدعم أوكرانيا بعد أن غزتها روسيا في فبراير 2022.
وبتشجيع من بايدن، وافق الكونغرس الأمريكي على مساعدة لأوكرانيا بقيمة 175 مليار دولار، تشمل أسلحة ودعما للموازنة. وأجرى بايدن زيارة مفاجئة لكييف العام الماضي، وهاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووصفه بأنه “طاغية”.
من جانبه، أبدى ترامب تشكيكا بشأن مساعدة أوكرانيا، وقال إنه يتوقع انتصار روسيا؛ فيما عرقل أنصاره في الكونغرس لأشهر الحزمة العسكرية الأخيرة لكييف.
أكد ترامب قدرته على إنهاء الحرب بسرعة. وتحدث مستشاروه عن الدفع نحو وقف لإطلاق النار، ربما من خلال تحذير أوكرانيا بوقف المساعدات ما لم تقدم تنازلات بشأن حدودها؛ وهو ما رفضه بايدن الذي يقول إن أوكرانيا فقط هي من يقرر مستقبلها.
وكان ترامب قد عبر عن إعجابه ببوتين، وأُطلقت بحقه إجراءات عزل عندما كان رئيسا للمرة الأولى لتأخيره المساعدة العسكرية لأوكرانيا بينما كان يضغط على الرئيس فولوديمير زيلينسكي لفتح تحقيق بشأن ممارسات عائلة بايدن التجارية.
الشرق الأوسط
كان ترامب، خلال فترة رئاسته، داعما قويا لإسرائيل، واتخذ خطوات تاريخية؛ مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس التي يريد الفلسطينيون أيضا أن تكون عاصمتهم المستقبلية.
واتهم ترامب بايدن بأنه “تخلى” عن إسرائيل؛ لكن بايدن كثيرا ما صور نفسه مدافعا عن إسرائيل وواجه انتقادات من يسار حزبه الديمقراطي بسبب دعمه لها، بما يشمل بالأسلحة واستخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي.
ومع ذلك اختلف بايدن مع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بشأن سقوط ضحايا من المدنيين الفلسطينيين وجمّد شحنة أسلحة تضمنت قنابل ثقيلة زنة 2000 رطل (أكثر من 905 كيلوغرامات).
ومع أنه يُتوقع أن يكون موقف ترامب أكثر تشدداً فقد انتقد نتانياهو أيضاً لأنه لم يحل دون حصول هجوم حماس في 7 أكتوبر، في استياء مرتبط باعتراف نتانياهو على الفور بفوز بايدن في انتخابات 2020.
في أواخر فترة ولايته، توصل ترامب وصهره جاريد كوشنر إلى “اتفاقيات أبراهام” التي قامت بموجبها الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، في أول اعتراف عربي جديد بالدولة العبرية منذ عقود.
وأعلن أنتوني بلينكن، كبير دبلوماسيي بايدن، عن إحراز تقدم في مسار تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية؛ لكن إدارة بايدن تنتقد ترامب لدعمه نتانياهو في تجاهل القضية الفلسطينية أثناء المساعي من أجل الاعتراف العربي بإسرائيل.
وينتقد بايدن ترامب على خلفية الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
ويرد ترامب بأن الاتفاق لم يكن قويا بشكل كاف، فيما تخلى بايدن إلى حد كبير عن إحيائه.
الصين وكوريا الشمالية وحلفاء
اعتبر كل من ترامب وبايدن الصين أكبر منافس للولايات المتحدة في المدى البعيد، وسعيا إلى التصدي لبكين؛ لكن بلهجتين مختلفتين.
واتخذ بايدن في بعض النواحي إجراءات أكثر صرامة ضد الصين، ومنها فرض حظر شامل على صادرات أشباه الموصلات؛ لكنه تحدث أيضا عن أهمية الحؤول دون أن تتحول المنافسة إلى نزاع، وعن التعاون في مجالات محددة مثل تغير المناخ. وعقد بايدن قمة ودية العام الماضي مع الرئيس شي جينبينغ.
ووصف ترامب الصين بأنها عدو وتعهد زيادة الرسوم الجمركية بشكل كبير. لكنه شدد أيضا على أن شي “صديق”.
وكثيراً ما أشاد ترامب بزعماء مستبدين وتحدث عن علاقة “حب” مع الزعيم الكوري الشمالي القوي كيم جونغ أون. والتقى ترامب كيم ثلاث مرات في دبلوماسية غير معهودة أدت إلى خفض التوتر؛ لكنها لم تفض إلى اتفاق دائم.
وانتقد ترامب بدوره الحلفاء الغربيين، الذين يرى أنهم يستفيدون بشكل غير عادل من الولايات المتحدة.
وخلال حملته الانتخابية، أشار ترامب إلى أنه سيشجع روسيا على “فعل ما تريده” إذا لم يسدد أعضاء الناتو “فواتيرهم”، في إشارة إلى الإنفاق العسكري.
وهي تصريحات تتناقض تماما مع ما قاله كيرت كامبل، نائب وزير الخارجية: “إذا سألتني ما هي عقيدة بايدن فستكون الإجابة تعزيز الشراكات مع الحلفاء والأصدقاء”.