جريدة

مندوبية التخطيط :المغرب يبلغ مصاف الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة ويقضي على الفقر المدقع 

ميديا أونكيت 24

 

أفاد تقرير تحليلي شامل أصدرته المندوبية السامية للتخطيط، يرصد المسار التنموي للمغرب بين عامي 2000 و2023، بأن المملكة نجحت في دخول نادي الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، محققة قضاء شبه تام على آفة الفقر المدقع.

التقرير، الذي يستند إلى مضامين خطاب العرش لسنة 2025، سلط الضوء على إنجاز تاريخي تحقق بانتقال المغرب إلى فئة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة لأول مرة في تاريخه خلال العام الماضي 2023، وذلك بفضل تقدم ملحوظ في مجالات الصحة والتعليم ومستوى المعيشة.

وأبرز التقرير أن هذا الإنجاز يدعمه الانخفاض الواضح في مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، الذي تراجع من 11.9% إلى 6.8% بين عامي 2014 و2024، مسجلاً أن هذا التراجع كان لافتاً بشكل خاص في الوسط القروي، حيث انخفض المعدل من 23.6% إلى 13.1%، مما يظهر الأثر الإيجابي للسياسات الموجهة لتحسين ظروف العيش في العالم القروي.

وفي مجال محاربة الفقر، كشف التقرير عن نجاح المغرب في القضاء شبه التام على الفقر المدقع، حيث لم تتجاوز نسبة السكان تحت عتبة 1.9 دولار يومياً (المعيار الدولي) 0.3% سنة 2022، مما يعني أن المملكة قد بلغت الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

كما أظهر التقرير انخفاضاً حاداً في الفقر المطلق حسب المعيار الوطني، من 15.3% عام 2001 إلى 1.7% عام 2019. غير أن هذه الإنجازات كشفت عن هشاشتها في مواجهة الأزمات، حيث أدت التحديات الأخيرة إلى ارتفاع معدل الفقر المطلق مجدداً إلى 3.9% سنة 2022، مع تسجيل زيادة حادة بشكل خاص في المدن، قفز خلالها عدد الفقراء من 109 آلاف إلى 512 ألفاً بين 2019 و2022.

وفي سياق متصل، رصد التقرير مساراً متقلباً للقدرة الشرائية للمغاربة، حيث تضاعف الدخل الفردي الإجمالي المتاح بنحو 2.5 مرة خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2023، منتقلاً من حوالي 11 ألف درهم إلى ما يقارب 27 ألف درهم.

وتميزت الفترة بين 2000 و2014 بازدهار ملحوظ، ارتفعت خلالها القدرة الشرائية بنسبة 3.5% سنوياً، تلتها فترة تباطؤ وركود نسبي بين 2014 و2019. ومع حلول عام 2020، تسببت جائحة كوفيد-19 في تراجع غير مسبوق بلغ 5.4-%. ورغم الانتعاش القوي عام 2021، عاد التضخم المرتفع ليتسبب في تراجع جديد عام 2022 بنسبة 2.5-%، قبل أن يتحسن الوضع بشكل طفيف سنة 2023 بزيادة 1.5 %.

من جهة أخرى، كشف التقرير عن عودة مقلقة لاتساع الفوارق الاجتماعية، المقاسة بمؤشر جيني، بعد أن كانت قد شهدت تحسناً ملحوظاً بين 2014 و2019، حيث بلغ المؤشر أدنى مستوياته (38.5%). إلا أن الأزمات الأخيرة أدت إلى ارتفاعه مجدداً ليصل إلى 40.5% سنة 2022، مما يعني عودة الفوارق إلى مستواها نفسه تقريباً في بداية الألفية، مشيراً إلى أن التقدم الذي تم إحرازه في هذا المجال قد تآكل بفعل الظرفية الاقتصادية الصعبة.

يخلص التقرير إلى أن المسار التنموي للمغرب خلال العقود الأخيرة قد حقق إنجازات كبيرة على مستوى المؤشرات الكلية للتنمية البشرية ومحاربة الفقر المدقع، لكنه يظل أمام تحديات جسام تتعلق بتحسين مقاومة هذه المكاسب للصدمات الخارجية، ومعالجة الفوارق الاجتماعية المتسعة، وحماية القدرة الشرائية للأسر في مواجهة التضخم والأزمات الدولية.