وليست هذه أول محطة احتجاجية يخوضها الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة للمطالبة بتنزيل ملفه المطلبي الذي يروم تحسين ظروف اشتغال مهندسي القطاع العام والخاص، وإنما سبق أن عَلَّق المهندسون المغاربة عملهم خلال الأشهر السابقة دون تلقي أي دعوة إلى الحوار من طرف الحكومة
.
وسيتوقف مهندسو القطاع العام عن العمل أيام 8 و9 و16 و23 يناير 2025 بالإضافة إلى استعدادهم لتنظيم وقفة احتجاجية يوم 9 يناير 2025 أمام البرلمان ضد “تعامل الحكومة مع الملف المطلبي للاتحاد ومطالبتها بالإسراع في فتح حوار قصد إيجاد حلول للقضايا الهندسية”.
عبد الرحيم الهندوف، رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، قال إنه “لم نتلق إلى اليوم أي دعوة للحوار على الرغم من خوضنا لعدد من الإضرابات طيلة الأشهر الماضية لتنبيه الحكومة إلى حال المهندسين المغاربة في القطاعين العام والخاص”، مشيرا إلى أن “رئيس الحكومة وعدنا بالجلوس إلى طاولة الحوار قبل سنتين دون أن يتحقق ذلك على أرض الواقع”.
وفي هذا الجانب، أوضح الهندوف، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة وضع ملفه المطلبي للحكومة في أكتوبر 2022 إلا أنه منذ تلك الفترة لم تف لا الحكومة ولا القطاعات المعنية بالتفاعل مع النقاط الواردة في هذا الملف الذي نناضل من أجل تنزيله”.
وإلى جانب مطلب فتح حوار مع الهيئة التي تمثل المهندسين المغاربة، يُلِحُّ الاتحاد على تحيين مقتضيات النظام الأساسي بما يتماشى مع طبيعة الظرفية وإقرار تحفيزات حقيقية للشغيلة الهندسية على غرار باقي القطاعات.
واعتبر رئيس التنظيم المهني نفسه أنه “من غير المعقول أن تستغرب الحكومة من ارتفاع مستوى هجرة المهندسين المغاربة إلى دول أجنبية في الوقت الذي لا تصغي فيه إليهم حينما يخاطبونها ويطالبونها بتحسين وضعيتهم المهنية”.
ولم يستسغ المتحدث ذاته “أحوال المهندسين المغاربة في القطاع العام الذي يوجدون في أدنى سلم الأجور مقارنة بأطر عدد من الوزارات”، مشددا على أنه “لا يمكن أن نقبل هذا الوضع بحكم أن مهنة المهندس من أصعب المهن سواء في شروط ولوج مدارسها أو ممارستها”.
ويعود النظام الأساسي القائم حاليا بالنسبة لهيئة المهندسين والمهندسين المعماريين المشتركة بين الوزارات إلى سنة 2011 والذي شمله آخر تعديل في 25 يوليوز سنة 2024، إلا أن المهنيين يرفضون “التعديلات الجزئية” ويطالبون بإقرار تعديل حقيقي على هذا النظام الأساسي لا من حيث الترقية أو الأجور.
وفي ما يتعلق بالترقية، لفت الهندوف إلى أن “آخر ترقية تقف في حدود 25 سنة من العمل على أبعد تقدير وفي بعض الأحيان يمكن أن يرقى المهندس بشكل أسرع، وبالتالي فإن المهندس الذي تخرج من مدرسة المهندسين وتوظف في 23 سنة فإن ترقيته تتوقف ما بين 45 و48 سنة، أي إنه سيشتغل أزيد من عشر سنوات دون ترقية”.
ومن بين الأمور التي تقود المهندسين إلى الاستمرار في خوض الإضرابات هو عدم تنظيم المهنة الهندسية، حيث أكد المصدر ذاته أنه “لا يوجد إلى اليوم قانون ينظم المهنة كما هو الحال في عدد من القطاعات كالمحاميين والأطباء والموثقين والعدول وغيرهم”.
وفي هذا الصدد، حذَّر الهندوف من “الفوضى التي يخلفها هذا الفراغ القانوني والتنظيمي”، مبرزا أن “أول نص قانوني حاول أن ينظم حمل صفة مهندس كان في 1949 أي في عهد الاستعمار ولم تكن غالبية المهن منظمة، ولكن بعد الاستقلال نظمت عدد من الوظائف وظلت مهنتنا دون تنظيم”.
وأوضح المصرح نفسه أن “هذه الفوضى تنفر المهندسين إلى دول أخرى في الوقت الذي نحن في حاجة إليهم خصوصا في ظل الأوراش التي سيفتحها المغرب خلال السنوات القادمة”، مؤكدا أن “الأزمة اشتدت إلى درجة أن بعض الوزارات تفتح مباريات لتوظيف محامين دون أن تجد مترشحين لاجتيازها”.
وبخصوص مهندسي القطاع الخاص، أورد الهندوف أنهم “لا يتوفرون على اتفاقية جماعية تحمي حقوقهم وتؤطر تنظيم مهامهم وتحدد الحد الأدنى لأجورهم”، موضحا أن “بعض المهندسين يتقاضون أجورا لا تتجاوز 4 آلاف درهم”.