جريدة

والي بنك المغرب يدعو البنوك المغربية الى مسايرة التغيرات المناخية .

 

 مازال موضوع التغيرات المناخية بتداعياته متعددة الأبعاد مستأثراً باهتمام مختلف المتدخلين عالميا ووطنيا.

 

 

 

البعد الاقتصادي للتغير المناخي شكّل موضوعا للنقاش خلال مؤتمر “التأثيرات الماكرو اقتصادية للتغير المناخي”، المنظم بشكل مشترك بين بنك المغرب وبنك إسبانيا اليوم الجمعة بالرباط.

 

 

 

 

عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، كشف خلال كلمة مطولة ألقاها بالمناسبة، بحضور محافظ بنك إسبانيا وسفير مدريد بالمغرب، أن “بنك المغرب يعمل على إعداد تعليمات تنظيمية جديدة تُقدِّم للبنوك توجيهات حول المعطيات الواجب جمعها والمؤشرات والمقاييس التي يتعين وضعها لقياس المخاطر المناخية المتأتية من المقترضين الكبار ولتقييم الجزء الأخضر والمستدام من مَحافظهم”، لافتا إلى أن “هذه النصوص تهدف إلى تفعيل المعايير الدولية الخاصة بشفافية الاستدامة من أجل تعزيز انضباط السوق داخل القطاع البنكي”.

 

 

 

 

وفي مايخص تدبير احتياطيات الصرف، اعتمد بنك المغرب “مبدأ الاستدامة في تعليمَتِه المتعلقة بالاستثمار”؛ بـ”تشجيع التوظيفات ذات الطابع المستدام والمسؤول”، يقول الوالي، مستحضرا “استثمار 100 مليون دولار في سندات البنك الدولي الخضراء”، على هامش “كوب-22”.

 

 

 

 

أما سنة 2023 فشهدت، حسب الجواهري، “إنجاز توظيف مماثل بقيمة 200 مليون دولار”. فيما تمثل استثمارات البنك المركزي في السندات الخضراء والاجتماعية والمستدامة حاليًا 7% من احتياطيات الصرف، بينما يبقى الهدف وصول الحصة إلى 10%”.

 

 

 

 

في معرض حديثه أمام مسؤولين ووزراء مغاربة، منهم وزيرة الطاقة ووزير الماء، لفت الجواهري إلى تعزيز بنك المغرب خلال السنوات الأخيرة التزامه البيئي، و”جعله محورا رئيسيا في سياسة المسؤولية المجتمعية للمؤسسة”، مستعرضا أنه “في سنة 2019 أحدَث وحدة خاصة، وذلك حتى يأخذ بالاعتبار بشكل أفضل تغير المناخ في مهامه ولتقليص البصمة البيئية لأنشطته”.

 

 

 

كما ذكّر بإنجاز البنك في سنة 2021 حصيلة لانبعاثات المؤسسة من غازات الدفيئة ووضع خطة لتقليلها تشمل بشكل أساسي برامج النجاعة الطاقية واستخدام الطاقات المتجددة والتنقل المستدام، قبل أن يشارك في “الجهود الوطنية لترشيد الموارد من المياه، من خلال اعتماد ميثاق الالتزامات من أجل تدبير مسؤول ومستدام لهذا المورد”.

 

 

 

 

ولا يقتصر تدخل البنك المركزي المغربي على السياق الوطني، بل إن البنك يظل “واعياً بأنه بالنسبة لتحد عالمي من قبيل تغير المناخ، لا يمكن إحراز تقدم ملموس إلا في إطار عالمي”؛ وهو ما تجلى في “مشاركة البنك بنشاط في أشغال مجموعة من الهيئات الدولية مثل شبكة تخضير النظام المالي NGFS، ويعد عضوا في لجنة تسييرها”.

 

 

 

وأردف الجواهري: “كما نعزز تعاوننا في هذا المجال مع البنوك المركزية الشريكة والمؤسسات الدولية، لأن الهدف دائما يظل هو تعميق الفهم للتصرف بشكل أفضل”.

 

 

 

 

ولم يفت المسؤول ذاته أن يذكّر بأن “مكافحة تغير المناخ والتخفيف من آثاره يتطلّبان تعبئة تمويلات ضخمة”، في سياق عالمي يتسم بمعدلات ديون عمومية وخاصة عالية، مع انكماش هوامش المالية العمومية، وقال: “بالنسبة للمغرب، يُقدِّر البنك الدولي الاحتياجات الاستثمارية في قضايا المناخ بين 2022 و2050 بحوالي 78 مليار دولار”.

 

 

 

“على البنوك المركزية أن تأخذ تأثير تغير المناخ بعين الاعتبار في تنفيذ مهامها”، يورد الجواهري أمام الحاضرين في المؤتمر، مسجلا: “الحال أن هذا التغير يؤثر على النمو والشغل والتضخم، وهي المتغيرات الرئيسية التي ترتكز عليها عملية اتخاذ القرار في مجال السياسة النقدية. تضاف المخاطر المرتبطة بالمناخ التي تُثقل نشاط البنوك وشركات التأمين وتؤثر على الاستقرار المالي عموما”.

 

 

 

 

 

“ومع ذلك، تبقى مسألة مساهمة البنوك المركزية في مجهود مكافحة تغير المناخ موضوعا مطروحا للنقاش”، يخلص والي بنك المغرب، طارحاً جملة من التساؤلات المؤطرة لهذه المساهمة: “هل هي ملزمة بذلك؟ هل لديها القدرة والوسائل؟ هل أدواتها متلائمة مع هذا التوسع في المهام؟ ما هي التأثيرات المحتملة على مهامها التقليدية واستقلاليتها؟”، قبل أن يسجل مواصلة “النقاش والتفكير في هذا الشأن وسط البنوك المركزية والهيئات الدولية مثل مجلس الاستقرار المالي، وشبكة تخضير النظام المالي (NGFS)، التي تضم أكثر من مئة بنك مركزي وجهة إشراف مالي”.

وحملت كلمة الوالي إبراز انخراط البنك المركزي المغربي في الجهود الوطنية والعالمية لمكافحة تغير المناخ وآثاره. في سنة 2016، وعلى هامش “كوب-22” بمراكش، “تولى بنك المغرب توحيد جهود الهيئات التنظيمية والفاعلين في القطاع المالي الوطني حول خارطة طريق خاصة بالمالية المستدامة”.

 

 

 

 

“تعبأ البنك إلى جانب وزارة المالية والجهات التنظيمية المالية الأخرى لإعداد استراتيجية تمويلية لمكافحة تغير المناخ، ستسمح بتقييم فجوة التمويلات الخضراء وتحديد التدابير والآليات الكفيلة بتمكين القطاع المالي الوطني، وكذلك المؤسسات المالية الأجنبية، من تكثيف مساهمتها في التمويل الأخضر والتمويل المرتبط بالمناخ. وسيواكب هذه الاستراتيجية اعتماد تصنيف مالي أخضر ضروري لتوجيه التدفقات المالية والوقاية من “الغسل أو التمويه الأخضر يشدد الجواهري.

 

 

 

 

وبشأن التنظيم البنكي، قال الجواهري إن “تعليمة البنك المركزي في 2021 تعني تدبير المخاطر المالية المرتبطة بتغير المناخ والبيئة”، كاشفا أنه واكب البنوك في عملية تنزيلها، بدعم من البنك الدولي، عبر “تقييم لتعرض القطاع البنكي للمخاطر المناخية المادية ومخاطر التحول، بالإضافة إلى تحليل سيناريوهات الصدمات المناخية”.