جريدة

ذكرى “حرب الرمال” تلقي الضوء على العقيدة العسكرية للجزائر تجاه المغرب

حرب اندلعت بين المغرب والجزائر عام 1963 بسبب مشاكل حدودية، استمرت لأيام معدودة وانتهت بوساطة الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية، ولكنها خلّفت توترا مزمنا في العلاقات المغربية الجزائرية.

وتحل اليوم الذكر  الثامن من أكتوبر، وقفت الجزائر والمغرب على مواجهات مسلحة “دامية” سميت فيما بعد بـ”حرب الرمال”، التي ما تزال ثارها إلى، حدود اليوم تخيم على العلاقات بين البلدين.

وقد كان المغرب من أبرز الداعمين للثوار الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي، إذ رفض مفاوضات أحادية مع فرنسا حول مسألة الحدود إلى حين استقلال الجارة الشرقية، قبل أن تخرج الأخيرة عن وعودها بدءا بهجوم حاسي البيضاء.

وانتهت الحرب في الخامس من نونبر 1963 بفضل الوساطة العربية والإفريقية التي توجت بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار لسنة 1964، قبل أن تبدأ ما يسميه البعض بـ”الحرب الباردة” بين الجانبين التي وصلت إلى توظيف الجزائر لجبهة البوليساريو لتهديد الأراضي المغربية ما نتج عنه بشكل مستمر وضع متوتر ومستمر بين الطرفين.

في سياق التصعيد الذي يعرفه البلدان، لا يزال نظام الجارة الشرقية يتخذ من مخرجات حرب الرمال كمنطلق أساسي لتفسير العلاقات مع المملكة المغربية؛ وهو ما يأتي بشكل متكرر على لسان الرئيس عبد المجيد تبون خلال تطرقه لمسألة عودة العلاقات مع الرباط.

العسكريتاريا الجزائرية:

إحسان حافيظي، محلل أمني، قال إن الأثر الأكبر لحرب الرمال هو استمرار العقدة العسكرية الجزائرية تجاه التفوق المغربي، ولاحقا تحولت هذه العقدة إلى عقيدة عسكرية ثم سياسية واليوم رياضية.

وأضاف حافيظي،أنه بقدر ما تخلص المغرب من سياقات ودوافع تلك الحرب وتوجه نحو المستقبل عبر مبادرات سياسية كان أبرز تمثلاتها مشروع المغرب العربي، بقدر ما جعلت “العسكريتاريا” الجزائرية من هذه الحرب موجها لكل عداءاتها ومواقفها العدوانية تجاه المغرب.

واعتبر المتحدث ذاته أن النظام السياسي الفاقد للشرعية في الجزائر لم يجد خيارا أمامه سوى البحث عن عدو خارجي يصدر إليه أزماته ويعيد من خلاله إشغال الرأي العام الداخلي بخطابات عدائية ومؤامرات خارجية وهمية.

وحول حلول تجاوز هذا الوضع، شدد الخبير الأمني على أن الإمكانية الوحيدة لتجاوز آثار هذه الأزمة هي تحرر الشعب الجزائريين من الطغمة العسكرية الحاكمة، والتي جعلت من الانتخابات والأحزاب ورئيس الدولة واجهة مدنية فقط لمخططاتها العسكرية.

وزاد سعت الجزائر دائما إلى توريث هذه العقيدة لأجيال متلاحقة من الجزائريين حتى تضمن استمراريتها في التحكم وإبقاء القرار السياسي داخل الثكنات العسكرية، حيث جعلت من ريع الذاكرة وسيلة لابتزاز الدول ومعاداتها واستعداء الشعوب وضرب مبدأ حسن الجوار.

انتصار المغرب خلق العقدة:

من جانبه، سجل محمد عصام لعروسي، خبير أمني، أن انتصار المغرب في حرب الرمال خلق شعورا بالنقص والمهانة وعدم الارتياح لدى النظام العسكري الجزائري، وهو شعور لا يزال مستمرا.

وأشار الخبير الأمني ذاته إلى أن الحديث عن تجاوز آثار هاته الحرب يلقي الضوء على مجهودات المملكة التي نست آثار الحرب تماما، ويميط اللثام كذلك على أهمية استبدال العقيدة العسكرية الجزائرية، ووضع الجيش في مكانه الحقيقي، وليس كمحول أساسي للقرار السياسي.

واستطرد المتحدث عينه بأن تجاوز العقيدة العسكرية والتفكير في الروابط التي تجمع البلدين كفيل بإنهاء اثار الحرب، وهذه الخطوة قدم عليها المغرب منذ وقت طويل.

وشدد المتحدث عينه على أن النظام الجزائري مطالب بوقف هجوماتها على الوحدة الترابية للمملكة من خلال البوليساريو، والعمل على مواجهة التحديات المشتركة التي تقف أمام البلدين، وأيضا المنطقة بشكل أوسع.