جريدة

مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطيةيجري دراسة تميط اللثام عن”واقع مرير”

مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية،أماط اللثام دراسة حديثة أنجزها بشراكة مع مركز الحكومة قطاع الأمن بجنيف،حول الواقع المرير لأماكن حرمان الأحداث من الحرية في المغرب،

وجرى تقديم نتائج هذه الدراسة،صباح يوم بالرباط،وضعت مشكل غياب إطار قانوني واضح، والاكتظاظ، وقلة الموارد البشرية، على قائمة المشاكل المزمنة التي تعاني منها مراكز حرمان الأحداث من الحرية في المغرب، وهو ما يؤثر سلبا على جودة الخدمات المقدمة للأطفال،وفي ما يتعلق بالاكتظاظ، استدل معدو الدراسة بحالة إصلاحية عين السبع بالدار البيضاء، التي كان عدد نزلائها عند زيارة فريق البحث إليها 916 نزيلا، في حين إن طاقتها الاستيعابية لا تتعدى 688 نزيلا.

وأضافت الدراسة إلى أن الإصلاحية المذكورة حدثَ أن استقبلت 320 حدثا خلال شهر واحد، نتيجة أحداث شغب إثر مباريات في كرة القدم، الأمر الذي تكون له انعكاسات على الخدمات التي تقدمها،واللافت للانتباه هو أنه في الوقت الذي تعاني فيه مراكز حرمان الأحداث من الحرية من الاكتظاظ، فإنها تتموقع في فضاءات شاسعة لا تتناسب والعدد المحدود من الأطفال الذين تأويهم والمساحات المخصصة للبنايات، “وهو ما يجعل الجزء الأكبر من المساحة مهملا ولا وظيفة له.

وأشارت الدراسة إلى مركز بنسليمان، الذي تصل مساحته إلى 11 هكتارا ويأوي 30 طفلا فقط، وكذلك العقار الذي يضم مركز حماية الطفولة بالفقيه بنصالح الذي تبلغ مساحته 57 هكتارا،و ذكرت الدراسة أن المرافق الموجودة في هذه الفضاءات لا تستغل بالشكل الكافي، إما لتقادمها أو لأنها أصبحت متلاشية أو لعدم الحاجة إليها.

وقال رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية الحبيب بلكوش،أن البحث الميداني المجرى حول واقع أماكن الحرمان من الحرية بالمغرب أظهر واقعا يتسم بغياب قانون موحد، بحكم تعدد جهات الوصاية والإشراف،ووصف المتحدث ذاته واقع أماكن الحرمان من الحرية بـ”المرير والمقلق” لدى بعض القطاعات، مبرزا أن الأحداث الموجودين في هذه المراكز يعانون، والعاملين فيها أيضا يعانون، من حيث الإمكانيات والخبرات لتنفيذ المهام الموكولة إلى هذه المؤسسات.

ودعا بلكوش إلى التفكير المشترك بين القطاعات المعنية لبلورة رؤية شاملة بمقاربة تعتمد على الانفتاح على جميع الشركاء،بعيدا عن أي تسرع أو تسابق”، مبرزا أن “الطموح هو الوصول إلى توسيع دائرة المؤسسات المعنية بهذا المشروع، واقتراح سبل لتحسين الأداء والارتقاء بمؤسسات الحرمان من الحرية، بما يخدم سيادة القانون ومكافحة الجريمة،اذ بلغ عدد السجناء الأحداث، إلى غاية نهاية شهر غشت 2022،ما مجموعه 1290 سجينا، منهم 1242 ذكور، بنسبة 93.3 في المئة، و48 إناث، بنسبة 3.7 في المئة، يتوزعون بين مراكز التهذيب، والأجنحة الخاصة بالأحداث.

وشدد على أن  الجرائم المالية تتصدر قائمة الجرائم التي ارتكبها الأحداث الموجودون في مراكز الحرمان من الحرية، حيث يبلغ عدد المعتقلين على خلفيتها 559، يليهم مرتكبو جرائم ضد الأشخاص (240 شخصا)، ثم المعتقلون على خلفية ارتكاب جرائم حيازة واستهلاك وتجارة المخدرات (173 شخصا).

وأشار الى بأن المغرب،يبذل جهودا ملموسة لضمان شروط جيدة للتكفل بالأطفال في نزاع مع القانون،إلا أن الدراسة سجلت وجود العديد من الإكراهات التي تحدّ من فعالية الإجراءات المتخذة في مجال رعاية هؤلاء الأحداث.

و قالت الدراسة إن مراكز حرمان الأحداث من الحرية تعاني أيضا من خصاص في الموارد البشرية، لا سيما الأطر التي لها تكوين خاص لضمان الإشراف التربوي والنفسي.

وشددت الدراسة على ضرورة إيلاء اهتمام خاص لتكوين العاملين في مثل هذه المؤسسات على التكفل بالأطفال من خلفيات مهنية متنوعة، على اعتبار أنهم،هم الذين يقدمون الرعاية الصحية ويمارسون التعليم والتكوين، ويقدمون ويمنحون الحياة لأماكن الحرمان من الحرية، حتى يمكنهم النهوض بمهامهم بشكل أشمل يتناسب مع خصوصية المؤسسات التي يعملون بها والجمهور المستفيد من هذه الخدمات.

وصرح أستاذ في كلية الطب عمر وطاس،أنه يجب الاستثمار بشكل قوي في العنصر البشري بمختلف التخصصات، فقد نكون قادرين على توفير التجهيزات والفضاءات، ولكننا لن نحقق تقدما بدون موارد بشرية.

وعزا بلكوش الوضعية التي تعيشها أماكن حرمان الأحداث من الحرية إلى ضعف الإرادة السياسية لترجمة المخططات التي يتم إقرارها، عبر تعبئة الموارد البشرية والمالية، وإيجاد الأطر،وكذلك عدد من الأطر العاملين في هذه الأماكن يفكرون في المغادرة بسبب غياب شروط عمل ملائمة وغياب التحفيزات، وهناك مجموعة من الورش تم إغلاقها لأن المشرفين عليها تقاعدوا ولم يتم تعويضهم، ما حوّلها إلى حيطان خاوية، وهذا يبعث على قلق كبير.