توقف الحوار القطاعي بين الوزارة ونقابات موظفي الجماعات الترابية .
أبدى وزير الداخلية , توقف الحوار القطاعي مع النقابات الممثلة لموظفي الجماعات الترابية استغرابا في صفوف النقابات المعنية. وأرجع الوزير توقف الحوار إلى استمرار إضرابات الموظفين، وهو ما تَعتبره النقابات تبريرا “غير منطقي”، محمّلة المسؤولية للوزارة الوصية.
وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، حمّل، ضِمنيّا، مسؤولية توقف الحوار القطاعي مع النقابات لهذه الأخيرة، بقوله، في جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أمس الثلاثاء: “مَكنْديروش الإضراب عاد كنكْلسو نتحاورو، بل نتحاور أولا، وإذا لم نتفاهم نذهب إلى الإضراب، أو نطلب الحوار، وإذا لم يتمّ ذلك نذهب إلى الإضراب، وليس أن نُضرب أولا ثم نتحاور”.
لفتيت خاطَب النقابات قائلا: “مستعدون للجلوس إلى طاولة الحوار في أي وقت، لكن ليس تحت ضغط الإضراب”، مضيفا: “حْبسو الإضراب واجِيو مْرحبا بيكم وقتما بغيتو، أما باش نكلسو والإخوان (يقصد الموظفين) دايْرين إضراب عْلى برّا لا، هذا ليس نقاشا صحيا”.
محمد النحيلي، الكاتب العام الوطني للمنظمة الديمقراطية للجماعات المحلية، عبر عن استغرابه التصريح الصادر عن وزير الداخلية، معتبرا أن ما صرّح به “لا يعكس الحقيقة، ومُجانب للصواب وللواقع”.
واعتبر النحيلي، في تصريح لهسبريس، أن وزارة الداخلية “هي التي أغلقت باب الحوار”، مفسرا ذلك بـ”غياب الاستقرار الإداري داخل المديرية العامة للجماعات الترابية”، في إشارة إلى رحيل الوالي المدير العام، للمديرية المذكورة، خالد سفير، إلى صندوق الإيداع والتدبير.
وقال الفاعل النقابي ذاته إنه “الحوار القطاعي مع الداخلية شهد دينامية خلال المرحلة التي كان فيها سفير على رأس المديرية العامة للجماعات الترابية، تُوجت ببروتوكول اتفاق سنة 2019، نُفذتْ منه مجموعة من النقط”، مستدركا: “لكن اعتبرنا أنه فقط أوّل خطوة لمأسسة الحوار القطاعي، وتحقيق المطالب المُلحّة لموظفي الجماعات الترابية، وذلك من خلال نظام أساسي يُجيب عن مختلف الإشكالات المطروحة؛ لكن الحوار تحوّل إلى حوارات موسمية”.
وكان النظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية هو “النقطة التي أفاضت الكأس” في علاقة وزارة الداخلية مع النقابات الممثلة للموظفين، إذ أعدت الوزارة مشروع نظام أساسي قُوبل برفض من النقابات.
واعتبر النحيلي أن من بين الأسباب الرئيسية لتعثّر الحوار المتعلق بوضعية موظفي الجماعات الترابية، وعدم الاستجابة لمطالب النقابات، عدم تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجماعات الترابية، التي تنص على أن التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر، كما هو منصوص عليه في الفصل 136.
وأردف المتحدث ذاته: “يجب خلق مجلس أعلى للجماعات الترابية كما هو الحال في دول أخرى مثل فرنسا، يضم تمثيلية ثلاثة أطرف، هي الحكومة، والجماعات الترابية، والنقابات”، معتبرا أن “أحسن نتيجة يتوق إليها الطرف الآخر (وزارة الداخلية)، في الوضعية الراهنة، هو الوصول إلى اتفاقات مع النقابات بدون تكلفة مالية”.
في المقابل قال وزير الداخلية إنه مقتنع بأن موظفي الجماعات الترابية يجب أن “تكون لديهم تحفيزات تتوافق مع المطلوب منهم”، مضيفا: “لا يمكن أن تطلب من موظف أن يبذل جهدا أكثر من اللازم وفي الوقت نفسه ‘معندوش داكشي اللي خاص يكون عندو’. وهؤلاء الموظفون هم العمود الفقري لوزارة الداخلية”.
واعتبر النحيلي أن “وزارة الداخلية هي التي تتحمل مسؤولية إغلاق باب الحوار، فهي التي أتت ببروتوكول الاتفاق الموقع سنة 2019 وهي التي تخرقه”.
وتابع المتحدث ذاته: “لقد وجهنا مراسلات إلى وزارة الداخلية نطلب فيها استئناف الحوار القطاعي، وأصدرنا بيانات بهذا الشأن، والكرة الآن في ملعب وزير الداخلية، فهو الذي ينبغي أن يوجه الدعوة للنقابات للحوار، وإذا رفضنا آنذاك يمكنه أن يقول للرأي العام إننا رفضنا الحوار”.
سليمان القلعي، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، رفض بدوره تحميل مسؤولية توقف الحوار القطاعي مع الداخلية للنقابات، مشيرا إلى أن “الحوار كان يتوقف ويُستأنف، إذ عُقدت آخرُ ثلاث جلسات في شهر فبراير 2023، وفي 21 مارس من السنة نفسها توقف الحوار ولم يُستأنفْ إلى حد الآن”.
وأفاد القلعي، في تصريح لهسبريس، بأن “النقابات كانت تنتظر من وزارة الداخلية دعوتها إلى استئناف الحوار القطاعي، لمدارسة خلاصات اجتماعات اللجان التقنية الثلاث، حيث أكلمت اللجنة التقنية المكلفة بالوضعيات الإدارية والملفات العالقة عملها بتاريخ 14 مارس، وكان متوقعا أن يتم رفع تقرير شامل إلى اللجنة العليا للحوار القطاعي، عن عملها، يتضمن مرافعات النقابات بخصوص عدد من الملفات، مثل ملف الموظفين حاملي الشهادات، وملف مراكز التكوين…”.
وفي وقت صرح وزير الداخلية في مجلس المستشارين بأن الوزارة مستعدة للحوار، وقال مخاطبا النقابات: “ديرو البرنامج ديالكم، وقولوا لينا اشنو بغيتو، ونحن مستعدون للتفاعل…”، قال سليمان القلعي: “منذ 21 مارس 2023 ونحن ننتظر استئناف الحوار في إطار اللجان التقنية، والردّ على التقرير الذي كان مقررا أن يُرفع”.
وجوابا عن سؤال حول ما إن كانت النقابات ستدعو إلى وقف إضرابات الموظفين، بهدف استئناف الحوار مع الداخلية، قال القلعي: “لقد انتظرنا استئناف الحوار منذ 21 مارس، ولم نخُض أول إضراب إلا يوم 14 يونيو، أي بعد 84 يوما من الانتظار، وذلك بعد أن راسلْنا وزارة الداخلية بشأن الملفات العالقة وطلبنا الحوار”.
وأضاف الفاعل النقابي ذاته: “تبرير توقف الحوار بإضراب الموظفين مجانب للصواب، ذلك أن الإضراب هو وسيلة خولها لنا القانون من أجل تنبيه المسؤولين، ولم يسبقْ أن وُجهت إلينا دعوة لاستئناف الحوار ورفضْنا”.
ووجه التنسيق النقابي الرباعي مراسلة إلى وزير الداخلية، يوم 25 يناير الجاري، يطالب فيها باستئناف الحوار القطاعي الخاص بالجماعات الترابية، في حين يرتقب أن يعقد اجتماعا، بحر الأسبوع الجاري، لمناقشة التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية، “وسبُل التعاطي معها”، بحسب إفادة الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض، مضيفا: “ما صرّح به وزير الداخلية حول استعداد الوزارة لاستئناف الحوار أمر مرحّب به، وسوف نقدم طلبا لاستئناف الحوار”.