المخطوطات الأسلامية بغرب افريقيا تحظى باهتمام الباحتين المغاربة .
اهتمام بتاريخ المخطوطات الإسلامية والمخطوطات المكتوبة باللغة العربية ولغات إفريقية أخرى بالسنغال وغامبيا حضر بمقر المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، التابع لأكاديمية المملكة المغربية، مساء الجمعة، بالعاصمة الرباط، في إطار مشروع علمي يستفيد منه طلبة دكاترة مغاربة وأجانب.
البشير تامر، المدير التنفيذي لأكاديمية المملكة المغربية، ذكر أن هذا المشروع يجمع الأكاديمية ومؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإنسانية والعلوم الإسلامية، ومركز الأبحاث جاك بيرك، في “حلقات علمية تندرج ضمن مشروع تأريخ الكتاب في البلدان المغاربية وإفريقيا الغربية بين القرن الثامن عشر والقرن الحادي والعشرين”.
وأضاف تامر: “تاريخ الكتاب من القضايا التي لم تأخذ بعد حقها في جامعات الغرب الإسلامي على العموم،
بينما تراث المخطوطات والكتب الموجودة في بلداننا بإفريقيا الغربية المغرب وموريتانيا والسنغال ومالي… بالمئات والآلاف، وتوجد في مكتبات معروفة أحيانا وأحيانا غير معروفة”.
وتابع المتحدث: “دراسة المخطوط وهذا التراث الزاخر ليست في متناول أي أحد، بل تحتاج خبرة ومعرفة وتكوينا للقيام بها، ولذلك فإن هذا المشروع الذي أشرفت على وضعه وتنظيمه المؤسسات الثلاث سيستمر من سنة 2023 إلى سنة 2026، لتحقيق أهداف على رأسها أساسا أن يستفيد الطلبة الدكاترة من خلال أطاريحهم التي يشتغلون عليها”.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية قال المؤرخ المتخصص في المخطوطات عثمان جو إن محاضرته تسعى إلى “وضع خزانات السنغال، والسنغامبيا عموما، في سياقها التاريخي بدءا من القرن الثامن عشر، والحديث عن علمين من السنغال وغامبيا من أهل القرن التاسع عشر، هما الحاج عمر الفوتي، مؤسسة الدولة التيجانية المعروفة في السودان الغربي، والقاضي انجاي سار، الذي تولى منصب القضاء في مدينة سان لوي الاستعمارية منذ عام 1880 حتى 1894”.
وذكر عثمان جو أن مثل هذا المحفل العلمي يتيح “تقديم نتائج أعمالنا العلمية في السنغال بحثا عن المخطوطات، وفهرسة، وترميما، وقيمة مثل هذه الأبحاث في أن تجد منبرا للكشف والحديث عنها”.
وفي محاضرته حول تكوين المكتبات العربية الإسلامية في السنغال وغامبيا (السنغامبيا) خلال القرن التاسع عشر، ذكر المؤرخ والباحث والناشر عثمان جو أن “للإسلام مظاهر حضارية تصحبه غالبا أينما حل، ومن بينها التدوين، وهي خاصية برزت في العالم العربي قبل غيره، من مؤسسات تضمن نقل المعرفة من جيل لآخر، وتعلّم لُغة المِلة الأولى (العربية)، وهو ما عرفته منطقة سينغامبيا منذ القرن الرابع الهجري الموافق للقرن الحادي عشر الميلادي”.
وفصّل المحاضر في ما تعكسه المخطوطات من عمل ثقافي عابر للأجيال لتوطين المعرفة الإسلامية بترجمات حرفية، وأخرى غير حرفية، علما أن “الشعوب المسلمة قد ربطت منذ وقت مبكر بين حفظ القرآن والحفظ عن ظهر غيب عبر النسخ، وتثبيت الاستيعاب بالنسخ على الألواح والقراطيس”، مردفا بأن من بين المؤسسات التي نهضت بهذا الدور “المساجد الجوامع” التي “تؤدي إلى جانب الشريعة التعبدية وظائف القضاء، والإفتاء، والتعليم، وإبلاغ الأوامر الإمامية إلى العامة”.
وهكذا، خلال رحلة طلب العلم، ومع “اتساع حفظ الطلاب”، يُكوّن الطالب لنفسه خزانة صغيرة أو كبيرة “حسب القدرة والطموح”، وهو ما يفسّر به خزانات كثير من العلماء والأعيان السينغامبيين، التي تعرّضت بعضها لحوادث مثل الاحتراق، أو التهريب إلى فرنسا والإلحاق بمخزن الموارد الاستعمارية، ثم دخلت المكتبة الوطنية لباريس، فيما بقيت بعضها في خزانات عمومية وأخرى خاصة في ملكية الورثة من العائلات.
وعرّف المحاضر بمكتبات بمنطقة السنغال كان “نصيب الأسد” فيها للغة العربية، ثم لغة الفولفولدي (الفولانية) المدونة بالحرف العربي، فالعامية، ومنها المدون بلغتين إفريقيتين لم يُتعرَّف عليهما إلى حدود اليوم.