تقنية ذكاء اصطناعي جديدة أطلقتها منصة إكس تتسبب في الترويج لخبر مضلل بشأن هجوم إيراني على إسرائيل
لم تشن إيران قصفا جويا على إسرائيل في بداية شهر نيسان/ أبريل الجاري. إلا أن ذلك ما يظهر في خانة (Explore”) ‘التريندات”، أو المواضيع المتداولة بشدة على منصة إكس (تويتر سابقا) في 4 نيسان/أبريل الجاري. ويعود هذا الخطأ إلى نظام “غروك Grok” وهي تقنية ذكاء اصطناعي لتنظيم المحتوى الرقمي التي اعتمدت تغريدات مضللة تدعي أن إيران “نفذت هجوما على تل أبيب” في بداية نيسان/ أبريل الجاري، بالاعتماد على مقطع فيديو لقصف في أوكرانيا أخرج من سياقه.
- في بداية شهر نيسان/ أبريل الجاري، ادعى عدد كبير من الحسابات الموثقة على منصة إكس (تويتر سابقا) أن إيران شنت قصفا جويا على مدينة تل أبيب الإسرائيلي ردا على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق في مطلع نيسان/ أبريل الجاري.
- اعتمدت هذه المنشورات في الواقع على مقطع فيديو أخرج من سياقه ويتعلق بانفجارات تم تصويرها في مدينة سيباستوبول عاصمة شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في سنة 2014. ولم تتم الإشارة إلى أية معلومة بشأن هجوم إيراني محتمل على تل أبيب لا في الصحافة الإسرائيلية أو الدولية منذ 1 نيسان/ أبريل الجارية.
عملية التحقق بالتفصيل
يعد ذلك الخبر المضلل سقطة كبيرة لنظام “غروك Grok” وهي تقنية ذكاء اصطناعي لتنظيم المحتوى الرقمي للتريندات (المنشورات الأكثر تداولا) على منصة إكس، والذي أعلن عنه مالك المنصة إيلون ماسك وسط جدل واسع قبل عدة أشهر. ومع انطلاق الاعتماد عليه في بداية شهر نيسان/ أبريل الجاري، من المفترض أن تتولى أداة الذكاء الاصطناعي هذه الترويج وتلخص أهم الأخبار المتداولة على منصة التواصل الاجتماعي هذه ولكن هذا النظام كان في قلب الانتقادات منذ اليوم الأول لإطلاقه في 4 نيسان/ أبريل، عندما تسبب في تداول أخبار كاذبة.
وفي هذا التاريخ، أطلقت المنصة خانة جديدة تحمل اسم “إكسبلور Explore” الموجودة في قوائم الملفات الجانبية لتبويب وتداول مختلف التريندات المتداولة بالاعتماد على نظام الذكاء الاصطناعي آنف الذكر. وأصبح نظام “غروك أي إي Grok AI” مسؤولا على إدارة ملف “الأخبار News” الذي تقترحه خانة “إكسبلور”. ولكن مشكلة ظهرت منذ بدء العمل به، إذ أن خبرا كاذبا يدعي بأن أيران شنت قصفا جويا على مدينة تل أبيب الإسرائيلية في بداية نيسان/ أبريل الجاري كان من بين مختارات أهم الأخبار المتداولة حسب نظام “غروك” في خانة “نيوز (أي الأخبار)”.
وتم رصد الخطأ سريعا من قبل عدد كبير من مستخدمي الإنترنت ولكن أيضا من قبل وسيلة الإعلام الأمريكية المتخصصة في وسائل التواصل الاجتماعي “ماشابل Mashable” التي نشرت صورة مثبتة من الشاشة تتعلق بخبر منشور في خانة ” News” على تويتر يشير عنوانه إلى ما يلي “إيران تشن هجوما على تل أبيب بصواريخ ثقيلة”.
فيما أكد مستخدمو إنترنت آخرون قاموا بالنقر على هذا” التريند” في تويتر أنهم لاحظوا أن أداة “غروك” التي تقترح ملخصا لكل خبر متداول بكثرة على المنصة، أكدت بشكل خاطئ في فقرة قصيرة “بأن الهجوم شمل استخدام صواريخ ثقيلة تسببت في خسائر كبيرة خصوصا في اندلاع حرائق وتدمير عدد كبير من المباني”.
وعلى الرغم من أن هذه الفقرة لم تعد متوفرة، إلا أنه من الممكن العثور عليها في صورة مثبتة من مقطع فيديو نشره المدون ” Hasanabi” في 5 نيسان/ أبريل الجاري وأرفقه بعدة منشورات على الإنترنت تتداول نفس الخبر الكاذب.
مقطع فيديو أخرج من سياقه تم تصويره في شبه جزيرة القرم
ولكن من أين جاء هذا الخبر الكاذب؟ في الواقع، تعتمد أداة “غروك” على المنشورات المتداولة بكثرة عبر منصة إكس لإدراجها ضمن “ملف التريندات” وهو ما يفسر على الأرجح أن الأداة اعتمدت على منشورات عدة حسابات موثقة في تويتر والتي أكدت منذ مساء يوم 3 نيسان/ أبريل الجاري بأن تل أبيب تعرضت لـ”قصف مكثف”.
“خبر عاجل: إيران بدأت في شن هجوم على تل أبيب” هذا ما ادعاه أحد الحسابات على منصة إكس في 4 نيسان/ أبريل الجاري وذلك في تغريدة باللغة الإنكليزية حصدت أكثر من 180 ألف مشاهدة.
وعلى غرار عدد كبير من المنشورات الأخرى، تداول صاحب هذا المنشور بشكل مضلل مقطع فيديو لغارات جوية تم تقديمها على أنها حدثت في تل أبيب في الليلة الفاصلة بين يوم 3 و4 نيسان/ أبريل الجاري.
إلا أن المشهد تم تصويره في الحقيقة قبل عدة أيام من ذلك وبالتحديد في 24 مارس/ آذار الماضي خلال قصف جوي على سيباستوبول في شبه جزيرة القرم. وبفضل بحث عكسي عن الصورة باستخدام “أداة غوغل لانس Google Lens”، يمكن لنا العثور على مقطع الفيديو الأصلي. إذ أن عددا كبيرا من وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإنكليزية على غرار مجلة “نيوز ويك NewsWeek” الأمريكية نقلت هذا التسجيل المصور في مقالات تتعلق بهجمات ضد باخرتين روسيتين في البحر الأسود.
“أداة غروك هي تقنية جديدة يمكن أن تتسبب في أخطاء”
وبعد إطلاقها في بداية شهر نيسان/ أبريل الجاري، تم تقديم أداة “غروك أي إي Grok AI” على أن تقنية تتيح الترويج لـ”أخبار مختارة بشكل فوري” وفق توضيح الملياردير إيلون ماسك مالك منصة إكس في تغريدة على نفس الموقع في 5 نيسان/ أبريل الجاري.
في المقابل، وتحت كل ملخص تعرضه أداة الذكاء الاصطناعي، يشير نص إلى ضرورة “التثبت من النتائج” التي يعرضها نظام “غروك” وهي “تقنية جديدة يمكن أن تسبب في أخطاء” وهو ما تؤكده التوضيحات المصورة من حساب الأخبار ” إكس دايلي نيوز X Daly News”.
ليست هذه المرة الأول التي تحاول فيها إدارة منصة إكس تبويب أهم الأخبار المتداولة “التريندات” من خلال نشر عناوين وملخصات قصيرة عنها. ففي سنة 2020، كلفت المنصة -عندما كان اسمها ما يزال “تويتر”- فريقا بتبويب وتنظيم مختلف “التريندات” بالاعتماد على خوارزميات وسيلة التواصل الاجتماعي.
ولكن تم تسريح فريق العمل هذا بعد استحوذ إيلون ماسك على المنصة الشهيرة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2022 وفق ما كشفته وكالة رويترز البريطانية للأنباء.