جريدة

مؤرخ تونسي: الحراك الطلابي الامريكي له ابعاد استراتيجية على القضية الفلسطينية

أونكيت ميديا 24

 المؤرخ التونسي محمد ضيف الله

 

 

 

اعتبر أكاديمي تونسي أن الحراك الطلابي المؤيد لفلسطين في جامعات أمريكية ستكون له أبعاد استراتيجية لفائدة القضية الفلسطينية مستقبلا.

وفي مقابلة مع الأناضول رأى محمد ضيف الله، المختص في تاريخ الحراك الطلابي، أن ما يحصل في أعرق جامعات الولايات المتحدة سيكون بمثابة “زلزال في الوعي الأمريكي”.

 

 

 

 

 

 

وعن الاحتجاجات الحالية قال ضيف الله: “في إطار الحراك الطلابي بصفة عامة، تعتبر هذه الهبّة غريبة نوعا ما عن السياق، باعتبار أن الحركات الطلابية انتهت تقريبا مع الحرب الباردة”.

 

 

 

 

وأضاف: “الحرب الباردة انتهت منذ مطلع التسعينيات وتأثر الحراك الطلابي كثيرا بذلك في كافة بلدان العالم”.

 

 

 

واستدرك: “لكن بالنظر إلى السياق الأمريكي.. تأتي هذه المظاهرات في إطار الحركية الداخلية لدى الطلبة وحركية لدى الشباب الأمريكي الذي له موقف من الحرب في غزة، وكان له دوره ووزنه في إيصال الرئيس جو بايدن للرئاسة في الانتخابات الماضية (2020)”.

 

 

 

إلا أن ضيف الله اعتبر أيضا أن هناك نوعا من التقليد نظرا لأن هذا الحراك ظهر في أقدم جامعة أمريكية، وهي جامعة كولومبيا.

 

 

 

وأوضح أن “جامعة كولومبيا سبقت الاستقلال الأمريكي 1754 منذ أواسط القرن 18 وتعتبر من أهم الجامعات في تكوين النخبة الإعلامية والسياسية والاقتصادية الأمريكية”.

 

 

 

وقال: “هذه الجامعة كانت ضمن الحراك الطلابي الأمريكي منذ أواسط الخمسينيات إلى أواخر الستينيات، وكان لها موقف في أحداث مماثلة من ذلك حرب فيتنام (1955-1973)”.

 

 

 

وفي أواسط الثمانينيات وقف الطلاب ضد نظام الفصل العنصري “الأبارتايد” في جنوب إفريقيا، وفق ضيف الله.

 

 

** مواجهة الاعتصامات السلمية بالقوة

وزاد: “هذه المرة في ما يتعلق بالطلبة أصبحنا حتى داخل الولايات المتحدة نرى مشاهد عرفتها جامعات في بلدان العالم الثالث في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من الهجوم الذي تشنه قوات مكافحة الشغب واستعمال العنف لفض هذه الاعتصامات”.

 

 

 

 

وأضاف المؤرخ التونسي: “أمريكا ظهرت وكأنها تبنت الممارسات نفسها، وهذا إحراج يشكله هؤلاء الطلبة لها”.

وفسر أن “الإحراج أولا لأن حركة الطلبة من شأنها أن تكون معدية لفئات أخرى شبابية وغيرها، فهم يشكلون نخبا في المستقبل في جامعات هي الأولى في العالم مثل كامبريدج وهارفارد وكولومبيا وغيرها”.

 

 

 

وأضاف: “هذه النخب هي التي ستحكم في الولايات المتحدة وفي البلدان التي قدموا منها لأن الاحتجاجات لم تصدر من طلبة أمريكيين فقط بل بينهم من قدم من دول أخرى”.

 

 

 

وتابع: “هؤلاء الذين سيحكمون في المستقبل يشكلون خطرا شديدا على الموقف الأمريكي الذي يعتبر إسرائيل جزءا منه.. والإدارة الأمريكية ترى أنه لا بد من قمع هذه الحركة حتى لا يكون لها تأثيرها الكبير حاضرا ومستقبلا”.

 

 

 

 

** فضح منظومة القيم الغربية

وعما إذا كانت ردود فعل الحكومة الأمريكية العنيفة على احتجاجات الطلبة قد فضحت زيف منظومة القيم الغربية قال ضيف الله: “نعم وهو كذلك، عندما نتحدث عن حرية التعبير وحرية الرأي وسلمية النضال، فهذه من قيم الغرب”.

 

 

 

 

وقال إن “أغلب البلدان الغربية تقريبا اتفق على معاضدة المعتدي على المعتدى عليه بخصوص ما يحدث في غزة”.

 

 

 

وأضاف أن الغرب “تضامن مع الكيان الصهيوني الغاصب، ورغم ما له من قوة وجد المساندة العسكرية السياسية والدبلوماسية والإعلامية من مختلف البلدان الغربية، فهؤلاء يطرح عليهم سؤال أين القيم الغربية؟”.

 

 

 

واستدرك: “لكن في الوقت نفسه، نلاحظ أنه حتى التهم التي توجه إلى الطلاب هي عارية عن الصحة عندما يتهمون بمعاداة السامية بينما فيهم طلبة يهود”.

 

 

 

وذكر أن “الشعوب الغربية عموما تحمل هذه القيم وتؤمن بها، وأفزعتها مشاهد القتل والتدمير وساهم في ذلك الإعلام وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي (..) وحتى الحركات الطلابية تأتي ضمن هذا الحراك الشعبي”.

 

 

** أين الحراك الطلابي العربي؟

ومقارنة لحراك المجتمعات الغربية بمثيلاتها العربية، اعتبر ضيف الله أن “الأمر في البلدان العربية خمد تماما نتيجة القمع، وليس في مصلحة الحكومات أن يتحرك المجتمع الطلابي مهما يكن السبب”.

 

 

 

وأضاف: “بالفعل بقيت هذه الشعوب خامدة تماما فقط وبعد أن تحركت الجامعات الأمريكية والغربية خجل الطلبة في البلدان العربية وقاموا ببعض التظاهرات في مثل المغرب وتونس والعراق”.

 

 

 

** “زلزال” في الوعي الأمريكي

وعن شعار “تحرير فلسطين من النهر إلى البحر” الذي يرفع في الولايات المتحدة قال ضيف الله إنه يعتبر بمثابة “زلزال” في الوعي الأمريكي.

“هذا يبشر بكل خير للقضية الفلسطينية، والمسألة لا ترتبط بالوقت الحاضر فقط، إنما بالمستقبل أيضا”، وفق المؤرخ التونسي.

 

 

 

وتابع أن “الحراك الطلابي له أفق استراتيجي، وحتى إن لم يكن له تخطيط استراتيجي لا بد أن هذا سيترك أثرا، باعتبار أن كثيرا من الطلبة لهم بدايات في هذه الأحداث التي ستصبح مرجعية لهم في المستقبل”.

 

 

 

وأكمل: “هؤلاء الطلبة يذكرونني بالموقف الطلابي الأمريكي خلال حرب فيتنام، فخلال 1968 عرفت الحركة الطلابية الأمريكية حراكا كبير، وكانت الولايات المتحدة تقاتل في فيتنام ولكن الموقف الطلابي كان ضد ذلك، وفي الأخير انسحبت الولايات المتحدة، ما يدل على صحة الموقف الطلابي آنذاك”.

 

 

 

وفي 18 أبريل/ نيسان الماضي، بدأ طلاب وأكاديميون رافضون للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، اعتصاما بحرم جامعة كولومبيا في نيويورك، مطالبين إدارتها بوقف تعاونها الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية وسحب استثماراتها من شركات تدعم احتلال الأراضي الفلسطينية.

 

 

 

ومع تدخل الشرطة واعتقال عشرات المحتجين بالجامعات الأمريكية، توسعت حالة الغضب لتمتد إلى جامعات بدول مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا والهند، شهدت جميعها مظاهرات داعمة لنظيراتها الأمريكية، ومطالبات بوقف الحرب على غزة ومقاطعة الشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة.

 

 

 

وتشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.