مجلس المستشارين : لقاء دراسي حول واقع تحولات الوظيفة العمومية بالمغرب
ميديا أونكيت 24
وسلط المتدخلون في هذا اللقاء الدراسي الذي نظمه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين، بشراكة مع منتدى التنمية للأطر والخبرات، حول موضوع “الوظيفة العمومية بالمغرب: بين واقع التحولات وضرورة توفير الخدمة العمومية”، الضوء على السياقات الكبرى لإصلاح منظومة الوظيفة العمومية، ومسألة الحكامة وجودة الخدمات العمومية، بالإضافة إلى مستقبل الوظيفة العمومية.
وفي كلمة بالمناسبة، أكدت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور، أن الحكومة حريصة، في ضوء الإمكانيات المتاحة، على مواصلة الإصلاحات الضرورية الكفيلة بجعل الوظيفة العمومية بجميع مكوناتها في خدمة المواطن والمقاولة، انسجاما مع مقتضيات الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي الذي تم التوقيع عليه من قبل الحكومة والشركاء الاجتماعيين في 30 ماي 2022.
وأضافت السيدة مزور، أن الحكومة ستعمل ، في إطار تعزيز هذا التوجه الإصلاحي، على مواصلة الإصلاحات التشريعية والتنظيمية والتدبيرية الرامية إلى تثمين الموارد البشرية للدولة، وتأهيلها، واعتماد الآليات الحديثة لتدبيرها، وكذا مواصلة تفعيل ميثاق المرافق العمومية، لا سيما في الشق المتعلق بتدبير الموارد البشرية وتدعيم الأخلاقيات بالوظيفة العمومية وترسيخ ثقافة الحوار وتقوية آليات التشاور.
وشددت الوزيرة على أن تمكين الإدارة من الآليات والوسائل التشريعية والتنظيمية والتدبيرية والبشرية الضرورية للنهوض بالمرفق العام وتوفير الخدمات العمومية وتنويعها وتوسيعها لمحاربة التفاوتات الاجتماعية وتحقيق الاندماج الحقيقي للمواطن، يظل رهانا وطنيا واستراتيجيا كبيرا يستدعي تحقيقه انخراط الجميع وفق منظور يغلب المصالح العليا للوطن والمواطنين.
من جانبه، أبرز رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، في كلمة تلاها نيابة عنه عضو مكتب مجلس المستشارين، عبد الإله حفظي، أن الوظيفة العمومية تندرج ضمن القطاعات التي تعرف تحولات جذرية بفعل المتطلبات المجتمعية المتعلقة بتوفير وتطوير الخدمة العمومية وتجويدها، والمتغيرات المرتبطة بإدماج الجوانب الرقمية والتكنولوجية داخل فضاء تدبير الشأن العمومي.
وأكد أن العنصر البشري داخل الوظيفية العمومية يظل ركيزة أي إصلاح وإحدى غاياته الأساسية، نظرا لدوره المحوري في تنزيل الأوراش الإستراتيجية والرفع من أداء الإدارة وفعاليتها ونجاعتها، وتقديم خدمات عمومية تستجيب لمتطلبات السرعة والجودة، تجسيدا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وأشار إلى أن قطاع الوظيفة العمومية يشهد عدة أرواش إصلاحية تنصب على مختلف فروعه ومكوناته، منها الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي “المغرب الرقمي 2030″، واللاتمركز الإداري، وتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وحكامة المرافق العمومية، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، والبرنامج الوطني لتحسين الاستقبال، وتعزيز الطابع الرسمي للأمازيغية، مبرزا أن هذه الأوراش الإستراتيجية يربطها خيط ناظم عنوانه العنصر البشري والوظيفة العمومية.
وأكد رئيس مجلس المستشارين أن تحديث وتجويد الخدمة العمومية يظل رهينا بتطوير الوظيفة العمومية، والاعتناء بالعنصر البشري إداريا وماليا واجتماعيا، في إطار إعادة هيكلة أساليب التدبير وترسيخ المهنية ومعايير الكفاءة والاستحقاق والفعالية، وتحقيق التوازن بين المستوى المركزي واللاممركز، وتعزيز الوظيفة العمومية الترابية من خلال تمكين إدارات الجماعات الترابية من الموارد البشرية الكفؤة الكافية والإسراع بإخراج النظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية.
من جهته، أكد الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، محمد زويتن، أن الحديث اليوم عن الوظيفة العمومية يأتي في سياق استشراف واقع جديد للإدارة المغربية يتميز بالسعي إلى التحول نحو اللاتمركز الإداري وإرساء تصور جديد للإدارة اللاممركزة وتنزيل الجهوية المتقدمة، مضيفا أن هذا النقاش يعد مناسبة لاستحضار المطالب الملحة بتحسين ولوج جميع المواطنين إلى الخدمات العمومية والعمل على تقريب الإدارة من المواطنين، فضلا عن تجسير آليات اتخاذ القرار جهويا ومحليا بشكل فعال وسريع.
وشدد السيد زويتن على أن تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري والجهوية المتقدمة ينبغي أن تصاحبه رؤية واضحة بشأن تحقيق العدالة والإنصاف بين المواطنين وتكافؤ الفرص وإصلاح أنظمة التعويضات، مؤكدا على ضرورة تنزيل الإصلاح الشامل عبر صياغة تعاقد اجتماعي جديد يساهم فيه جميع المتدخلين والفاعلين المعنيين.
من جانبه، دعا رئيس منتدى التنمية للأطر والخبراء، إدريس الصقلي العدوي، إلى تطوير سياسة جديدة لتدبير الموارد البشرية قائمة على مجموعة من المبادئ التي تضمنها دستور 2011، ومن بينها النجاعة والمردودية والشفافية والمحاسبة وجودة الخدمات.
كما حث السيد العدوي على التفكير بشأن تطوير نظام أساسي موحد للوظيفة العمومية، وإعادة بناء منظومة حديثة ومنسجمة للوظيفة العمومية باعتبارها ضرورة ملحة في ضوء التطورات الإقليمية والدولية وكذا مستجدات دستور 2011، مشددا على ضرورة إرساء وظيفة عمومية أفقية مفتوحة دون حواجز بين الإدارات، واستثمار الوسائل التكنولوجية، والمراجعة الشمولية والعميقة للنصوص المؤطرة للوظيفة العمومية.