في تطور مثير للقلق، تصاعدت التوترات في الأوساط الحقوقية بعد تصريحات أدلى بها أحد الحقوقيين من مدينة المحمدية، حيث هدد بالتظاهر ضد الوكيل العام للملك بتطوان إذا لم يتم الإفراج عن بعض الشباب المتهمين بقضايا متعلقة بالهجرة غير الشرعية. وقد أثار هذا التهديد تساؤلات هامة حول حدود تدخل الجمعيات الحقوقية في القرارات القضائية ومدى مشروعيتها.
تشير هذه التصريحات إلى ظاهرة متنامية في الأوساط الحقوقية، حيث يُستغل الدفاع عن الحقوق كوسيلة لممارسة الضغط على الأجهزة القضائية وتأثير سير العدالة. في المغرب، تتمتع السلطة القضائية بالاستقلال الكامل بموجب الدستور، ويجب أن تعمل وفقًا للقانون دون التأثر بالتهديدات أو الضغوط، سواء كانت سياسية، حقوقية، أو من أي جهة أخرى.
دور الجمعيات الحقوقية يتمثل في الدفاع عن حقوق الإنسان ومراقبة تطبيق القانون، ولكن يجب أن تلتزم بالإطار القانوني الذي يضمن حماية العدالة واستقلاليتها. التهديدات للموظفين القضائيين ومحاولة التأثير على قراراتهم من خلال الاحتجاجات أو التصريحات العامة لا يمكن أن تكون جزءًا من دور هذه الجمعيات، بل تهدد مفهوم العدالة وتقوض ثقة المواطنين في النظام القضائي.
على الرغم من أن الجمعيات الحقوقية قد تكون لديها مواقف حول قضايا معينة، فإنها لا تملك الحق في التدخل في سير العدالة أو التأثير على القرارات القضائية، خاصة في القضايا الحساسة مثل الهجرة غير الشرعية. يجب أن تتعامل السلطة القضائية مع هذه القضايا بناءً على القوانين والأدلة المتاحة، دون التأثر بالخوف من ردود الفعل العامة أو التهديدات.
محاولة التأثير على المسؤولين القضائيين من خلال التهديدات أو الضغط لإقالتهم يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء. استقلالية القضاء ليست مجرد مبدأ نظري، بل هي ضمانة أساسية لتحقيق العدالة وعدم الخضوع للتأثيرات الخارجية.
إذا تم السماح بتهديد القضاة أو الضغط عليهم من قبل أي جهة، فإن ذلك قد يؤدي إلى تآكل مفهوم العدالة. يجب أن تُبنى القرارات القضائية على الأسس القانونية فقط، وليس على أساس التهديدات أو ردود الفعل العامة.
يتعين على الدولة والمؤسسات القضائية حماية استقلالها من أي محاولات للضغط أو التهديد، سواء كانت صادرة عن جهات سياسية أو حقوقية. في الوقت نفسه، يجب على الجمعيات الحقوقية أن تلتزم بدورها الأساسي في الدفاع عن حقوق الإنسان ضمن الأطر القانونية، دون محاولة التأثير على سير العدالة أو التدخل في القرارات القضائية.