اسيا العتروس
يقول المدافعون عن دورالامم المتحدة ومكانتها في العالم المثقل بأزماته وهمومه وصراعاته تخيلوا لولم تكن الامم المتحدة قائمة ما سيكون عليه العالم .. وهؤلاء يقصدون أن العالم سيكون أكثر توحشا وظلما وتعقيدا مما هو عليه الان …ولاشك أن الدورة السنوية لاشغال الامم المتحدة التي يعيش على وقعها العالم تضعنا اليوم أمام منظمة أممية منهكة و عاجزة عن تفعيل أبسط ما تضمنه ميثاقها التأسيس سواء تعلق الامر بحق الشعوب في تقرير المصير أو كذلك بحق الشعوب الخاضعة للاحتلال في المقاومة و لدفاع عن حرياتها و سيادتها و هويتها علما وأن الدول التي كانت خاضعة لاحتلال بعد الحرب العالمية الثانية وجدت لها في الامم المتحدة كما في دول و بينها امريكا سندا وداعما لهذه الدول من أجل تحقيق استقلالها و طرد الغزاة و هوما لا يبدو أمرا قابلا للتحقيق اليوم بعد الاختبار العسير الذي فشلا فيه الامم المتحدة طوال سنة كاملة من حرب الابادة في غزة و منها الى الضفة وما يسجل اليوم من عشرات الاف الضحايا و المصابين و المهجرين و المحاصرين والتي تطال اليوم لبنان اذ و بعد موقعتي البيجر والاسلكي يقدم جيش الاحتلال اسرائيلي على قتل أثر من خمس مائة مواطن لبناني من مختلف الاجيال بينهم نساء و اطفال دون اعتبارا لمات الجرحى الذين ضاقت بهم المستشفيات.
و حتى لا نجانب الصواب يمكن القول أن الامين العام للامم المتحدة غوتيريش لم يتوقف منذ بداية الابادة في غزة عن تصريحاته الناقدة للاحتلال واتهاماته لمجرم الحرب ناتنياهو بارتكاب جرائم ترقى الى جرائم الحرب وهوأيضا ما لم تتاخر في دعمه فرانشيسكا البانيز المقررة الخاصة للام المتحدة التي فضحت في تقاريرها سياسة الابادة الجماعية لكيان الاحتلال والامر ذاته ينسحب على الاونروا وغيرها أيضا من المنظمات التابعة للامم المتحدة وكذلك الجنائية الدولية بمبادرة و دعم جنوب افريقيا و لاحقا العدل الدولية التي تلاحق ناتنياهو و بن غفير باعتبارهما مجرم الحرب ..ولواننا مضينا في استعراض كل التقارير التي تدين هذا الكيان الارهابي المارق لا اتسع المجال لسرد كل نشر على مدى حرب من الان ..في المقابل يبقى المشهد على الميدان كارثيا بكل المقاييس حيث يتجه جيش الاحتلال الاسرائيلي بايعاز مجرم الحرب ناتنياهو و بدعم الغرب نحو مزيد التوحش والانتقام من الشعب الفلسطيني من غزة الى الضفة و من لبنان و يواصل سياسة حرق الاخضر واليابس ويسعى كل يوم الى مزيد ارتكاب المجازرو الى جر المنطقة الى حرب شاملة لا تبق ولا تذر كل ذلك دون أن يكون للامم المتحدة القدرة على تفعيل قراراتها سواء الصادرة عن مجلس الامن بايقاف العدوان اوالصادرة عن الجمعية العامة محكمة الشعوب بانهاء الاحتلال .. وفي كل ذلك تبقى المشاهد القادمة من الدورة الراهنة للامم المتحدة أقرب الى السيرك الادمي حيث يواصل قادة العالم الرقص على أوتار القانون الدولي و الشرعية الدولية المحنطة والتي لا تخرج من جمودها الا لتطويع القانون الدولي خدمة للجلاد وعلى حساب الضحية أواسقاطه في غياهب النسيان كلما ارتفعت الاصوات منددة أومطالبة بايقاف مجازر جيش الاحتلال وانهاء طوفان الدم ..
لم يخرج المشهد في الامم المتحدة عن اللقاءات الكلاسيكية وسباق التناوب على منبر الامم المتحدة لالقاء خطبة منمقة قضى مستشارو الزعماء المشاركون ساعات في اخراجها لتكون متناسقة مع حجم الجرائم المرتكبة في حق الشعوب المضطهدة من فلسطين الى لبنانو السودان و اليمن و العراق وسوريا مهرجان خطابي و كل يدلي بدلوه فيما يشهده العالم من صراعات و ازمات و حروب دامية و مجازر وابادة جماعية فاقت كل التوقعات في ظل مخاوف من اندلاع حرب كونية شاملة …و سيكتمل مهرجان الخطابات الجوفاء بوقوف مجرم الحرب ناتنياهو على منبر الامم المتحدة ليواصل تطاوله على الجميع و يستمر في اهانة على القيم الانسانية الكونية لان هناك في هذا العالم المتوحش من سمح له بذلك و هيأ له الارضية و فرش له السجاد الاحمر ليذل الجميع و يعود لمواصلة مجازره و كأنه لا شيء يحدث.. وقد كان احرى بالامم المتحدة ان تمنع تدنيس ناتنياهومقرها و ترفض مشاركته في هذه الدورة على جثث و جماجم الضحايا بل كان اولى على الامم المتحدة ان تطالب بايقافه وتسليمه للجنائية الدولية لمحاكمته فهذا مكانه الطبيعي وجزاؤه على ما يقترفه من جرائم حرب لا تسقط بالتقادم ..
أما الحديث عن قمة المستقبل فلن يكون له معنى في ظل كابوس غزة الذي لا ينتهي في زمن العجزغيرالمسبوق للمنظمة …ما يحدث في الامم المتحدة رسالة سلبية خطيرة لكل الفلسطينيين بان المجتمع الدولي غير قادر على انصافهم و انه بالتالي لم يتبقى لهم من خيار سوى طريق المقاومة مهما كان الثمن …