جريدة

الصحافيون بين حماية النص الدولي وواقع القتل الصهيوني

محمد حميمداني

محمد حميمداني

صمدت قرطبة في مواجهة جيش الفونسو حتى سقطت بعد حصار دام شهوراً طويلة. وبعد السقوط سأل “الفونسو” أهل “قرطبة”، لماذا صمدوا كل هذه الشهور. فكان ردهم أنهم كانوا ينتظرون مدد حكام الأندلس من “ملوك الطوائف”. فقال: لقد كانوا معنا في حصاركم ! نموذج ينعكس على جريمة هزت الرأي العالمي. حيث استهدف العدوان الصهيوني القانون الدولي والصحافيين المسالمين وهم نيام بجنوب لبنان. في مشاهد تنقل للواجهة الهمجية الصهيونية وضربها للقانون والمواثيق الدولية. وهو ما ينقل تحولا خطيرا على مستوى واقع الاستهداف الذي يتعرض له الصحافيون والصحافيات، فيما أعين القانون الدولي نائمة وخرساء أمام هذا الإجرام الخطير. في مشهد يعكس انحدار منظومة القيم وطغيان قانون الغاب على المشهد الإنساني الدولي.

حيث استهدف جيش الاحتلال بدم بارد مقر إقامة الصحافيين في بلدة “حاصبيا” بجنوب لبنان. أدى لاستشهاد ثلاثة صحافيين وإصابة آخرين.

وقد استهدف العدوان أطقم صحافية لقنوات “الميادين”، “المنار”، “الجزيرة” وقناة “الجديد”. حيث استشهد المصور “غسان نجار” ومهندس البث “محمد رضا”. إضافة لاستشهاد المصور “وسام قاسم” عن قناة “المنار” اللبنانية. فضلا عن جرح آخرين.

استهداف الصحافيين أثناء أدائهم لمهامهم يعتبر جريمة حرب

أصبحت حماية الصحافيين في مناطق النزاع من القضايا الحيوية التي تتصدر اهتمامات الهيئات الدولية. إذ يتعرضون لتهديدات جسيمة تشمل القتل والاستهداف والاعتقال التعسفي.

ويلزم القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقيات “جنيف” والبروتوكولات الملحقة بها، أطراف النزاع بعدم استهداف الصحافيين. ويعتبر أي انتهاك لذلك بمثابة جريمة حرب.

ضدا على القانون الدولي “إسرائيل” تستهدف الصحافيين في لبنان

يعتبر استهداف “إسرائيل” الطواقم الصحافية في لبنان كما في غزة جريمة حرب متعمد. والأخطر أن الاستهداف طال الزملاء الإعلاميين وهو نيام في أماكن إقامتهم. وهو استهداف يعكس سادية الاحتلال وتعطشه لمزيد من دماء المدنيين وتعويضا لهزائم الميدان بالمزيد من القتل للمدنيين والأطقم الصحافية والصحية والطبية والمؤسسات الاستشفائية والمدنية.

وهو هجوم طال مجموعة من الطواقم الإعلامية. حيث استهدفت طائرة “إسرائيلية” الأطقم الصحافية في مقر إقامتهم حيث كان متواجدا بالمجمع مراسلين ومصورين وتقنيين صحافيين أثناء نومهم بصاروخين. وهو ما أدى لحدوث المجزرة التي ستبقى وصمة عار على جبين المنتظم الدولي والقانون الدولي.

دور القانون الدولي في حماية الصحافيين

وفقًا للقانون الدولي الإنساني، يُعتبر الصحافيون المدنيون شخصيات غير مقاتلة. يجب أن يتمتعوا بحماية خاصة أثناء تغطيتهم للنزاعات المسلحة.

وقد نصّت المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف بوضوح على حماية الصحافيين أثناء النزاعات المسلحة الدولية. إذ لا يجوز استهدافهم إلا في حالات استثنائية ترتبط بكونهم جزءًا من العمليات العسكرية.

قرارات الأمم المتحدة وجهود الحماية

تولي الأمم المتحدة أهمية كبيرة لحماية الصحافيين. حيث دعت عدة قرارات لمنع استهدافهم أثناء مزاولتهم لمهامهم.

وينصّ قرار مجلس الأمن رقم 1738 لعام 2006 على ضرورة احترام الصحافيين وتوفير حماية لهم أثناء النزاعات. كما أن هناك جهودًا من اليونسكو ومنظمات دولية أخرى من اجل تعزيز توعية الأطراف المتنازعة بضرورة احترام سلامة الصحافيين وتوفير بيئة آمنة لعملهم.

تصعيد صهيوني ضد القانون الدولي

يأتي العدوان الصهيوني الذي استهدف الصحافيين في لبنان بعد هجوم استهدف مقر قناة “الميادين” في لبنان. وهو ما يرفع حصيلة ضحايا حرية الإعلام في غزة ولبنان. ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التاريخية لاستعادة القيم التي نسجتها الإنسانية خلال تاريخها الطويل. وهو استهداف يهدف لإخراس اصوات الصحافيين ومنع صورة الحقيقة من الوصول لكشف وتعرية جرائم الاحتلال الصهيوني. استهدافات متكررة للصحافيين تفرض على المجتمع الدولي والقيم الإنسانية تحديات كبرى لاستعادة إنسانيته وردع هذا الصلف الصهيوني. 

 

جرائم الحرب ومسؤولية المساءلة

الاستهداف المتعمد للصحافيين يُعتبر جريمة حرب وهو الأمر الذي يقتضي إخضاع الكيان المحتل للمساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية. وتوثيق هاته الاعتداءات التي استهدفت الصحافيين. كخطوة أولى لضمان حقوقهم في أداء مهامهم في أجواء الامن والأمان والحياة التي تقتلها الطائرات الصهيونية تحقيقا للعدالة الكونية المغتالة “إسرائيليا” وبحماية أمريكية غربية.

استهداف الصحافيين في غزة ولبنان: انتهاك متواصل لحقوق الإنسان

أصوات الإدانة ارتفت ضد استهداف الصحافيين والصحافيات الذي يعد تطورا خطيرا يهدد أمن الصحافيين وحرية الإعلام. فاستهداف الاحتلال “الإسرائيلي” طواقم إعلامية أثناء تغطيتهم للأحداث في غزة وجنوب لبنان. والذي أدى لمقتل وإصابة عدد من الصحافيين العاملين في مختلف وسائل الإعلام. يعد هذا الانتهاك المباشر خرقًا للقانون الدولي الإنساني. الذي ينصّ على ضرورة حماية الصحافيين أثناء النزاعات، ويصنّف استهدافهم جريمة حرب.

حوادث القتل والاستهداف في صفوف الصحافيين جريمة حرب

في غزة، تزايدت التقارير عن استهداف الصحافيين بصورة متعمدة. حيث تعرضت عدة مؤسسات إعلامية لضربات مباشرة. وهو ما أسفر عن مقتل وإصابة أفراد من طواقمها.

وفي جنوب لبنان، لقي صحافيون من قنوات “الميادين” و”المنار” حتفهم أثناء تغطيتهم للأحداث جراء غارات استهدفت مواقع تجمع الصحافيين. حيث أعلنت قناة “الميادين” استشهاد مصورها “غسان نجار”، إلى جانب مهندس البث “محمد رضا”. فيما أفادت قناة “المنار” استشهاد المصور “وسام قاسم”.

مسؤولية الاحتلال وفق القانون الدولي

يعد استهداف الصحافيين في مناطق النزاع انتهاكًا واضحًا لاتفاقيات “جنيف” والبروتوكولات الملحقة بها. والتي تلزم الموقعين على وجوب توفير الحماية للمدنيين، بما فيهم الصحافيون.

وقد طالبت منظمات حقوقية بمحاسبة المسؤولين عن هذه الهجمات باعتبارها جرائم حرب. كما دعت الأمم المتحدة مجلس الأمن للتحرك السريع لوقف هذه الانتهاكات وحماية الصحافيين في غزة ولبنان.

التضامن مع الصحافيين وأهمية الدعم الدولي

أبدت عدة قنوات إعلامية وشخصيات سياسية وحقوقية تضامنها مع أسر الصحافيين الشهداء. داعية لوقفة جادة من المجتمع الدولي لتوفير الحماية القانونية للصحافيين العاملين في مناطق النزاعات.

وأشارت منظمات صحافية إلى ضرورة وجود إجراءات دولية فعالة تضمن سلامة الصحافيين وتحاسب المعتدين عليهم، بما يسهم في خلق بيئة آمنة لعملهم. مؤكدة الحاجة للمساءلة ومكافحة الإفلات من العقاب عن الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين في مناطق النزاعات.

ويؤكد خبراء أن الإفلات من العقاب يشجع على تكرار الانتهاكات. فيما ترتفع عدة أصوات داعية لضرورة وضع آليات مستقلة لحماية المجتمع الصحافي. وفتح تحقيق في هاته الاعتداءات على الإعلاميين ونشر تقارير شفافة تضمن العدالة لضحايا هذه الاعتداءات وتحفظ حقوقهم وكرامتهم.

وعلى الرغم من النصوص القانونية، وهاته الدعاوى للحماية والمساءلة تتكرر حوادث استهداف الصحافيين من قبل الكيان المحتل. مما يجعل التزام “إسرائيل” ودول أخرى موضع تساؤل وينقلنا لوجود فجوة بين القوانين المُلزمة والتطبيق العملي. وهو الأمر الذي يستوجب وبإلحاح آليات أكثر فعالية ورقابة مستمرة لضمان حماية الصحافيين.

الصحافيون بين حماية النص الدولي وواقع القتل الصهيوني

أكد الاستهداف الذي طال الصحافيين في غزة ولبنان حاجة المجتمع الدولي لآليات أكثر فعاليات. وذلك لإيقاف هذا الخرق المتعمد للقوانين الدولية ذات الصلة بحماية الصحافيين والمدنيين أثناء النزاعات.

وهو ما يضع المجتمع الدولي أمام محك احترام الإرادة الدولية مع إعادة النظر في حضور الدول الدائمة العضوية في الأمم المتحدة داخل مجلس الأمن. بالحد من ممارسة حق النقض في حالة استهداف الأسس العامة التي تستهدف الجوهر الإنساني للقرارات الدولية ذات الصلة بجرائم الحرب.