على مدار سنوات طويلة عانى الصوماليون من احتلال أجنبي، تبعته حروب أهلية فتكت بالبلاد طولا وعرضا، لتأتي لاحقا موجات جفاف وفيضانات جراء تغير المناخ تزيد الأمر سوءا.
كل هذه العوامل اجتمعت لتشكل سببا في نشوء مخيمات على امتداد الصومال، لكن حياة النازحين فيها لا تطاق بسبب افتقارها لمقومات الحياة الأساسية، وخاصة للنساء والأطفال.
الخيام المصنوعة من أغصان الأشجار لا توفر حماية كافية للنازحين، فهي لا تقي حرّ الشمس الحارقة ولا تمنع عنهم غزارة الأمطار المفاجئة التي قد تنتهي بسيول جارفة.
ومنذ عام 2011 تبذل تركيا جهودا عبر مؤسساتها الرسمية ومنظماتها المدنية لتنفيذ مشاريع تنموية بمجالات الصحة والزراعة والمساعدات العاجلة والبنية التحتية في الصومال، إلا أن الفقر لا يزال مستشريًا، خاصة في المناطق الريفية.
وفي ظل تهديدات “حركة الشباب”، تلجأ العديد من العائلات إلى المناطق الآمنة التي تتكفل المنظمات الإنسانية التركية بتلبية احتياجاتهم الأساسية فيها ودعمهم لاستعادة استقرارهم.
** حياة المخيم.. كفاح للبقاء أحياء
وفي حديث للأناضول، وصفت حنان عمر عبد، المسؤولة عن مخيّم “أوغ” في طوسمريب عاصمة ولاية غلمدغ، حياتهم في المخيم بأنها “كفاح من أجل البقاء على قيد الحياة منذ سنين طويلة”.
وأوضحت أن السيول الناتجة عن الأمطار تُعد من أكبر المشكلات التي يواجهونها، حيث تجرف الأطفال وكبار السن، وتلحق أضرارًا كبيرة بالمخيم.
حنان دعت إلى إيجاد حلول عاجلة للوقاية من تبعات الأمطار، سواء من خلال بناء سدود أو نقل النازحين بالخيام إلى منطقة أكثر أمانًا.
وتعد الصومال وكينيا، اللتان شهدتا أشد حالات الجفاف في السنوات الأخيرة، من بين البلدان الأكثر تأثرا من التغير المناخي، وأُعلنت “حالة الطوارئ” في بعض أجزاء الصومال بسبب حدوث فيضانات.
* ظروف غير إنسانية
وإلى جانب مصاعب الحياة، يواجه أبناء النازحين مشكلة بتلقّي التعليم، وفي هذا الإطار تمنّت حنان على الجهات الخيرية بناء مدرسة من أجل تعليم القرآن الكريم والعلوم الإسلامية للأطفال.
ويوجد في المخيم صنبور مياه وحيد لا يلبي احتياجات النازحين، وهنا جددت حنان دعوتها لمساعدتهم في الانتقال إلى مخيم جديد يوفر ظروفا إنسانية أفضل.
أما فاطمة إبراهيم، إحدى سكان مخيم أوغ، فقالت للأناضول: “لجأنا إلى المنطقة هربًا من الإرهاب، إلا أننا نواجه صعوبة في العيش بظروف غير إنسانية”.
وأوضحت فاطمة أنهم يكافحون في المخيم من أجل البقاء مع أطفالهم على قيد الحياة، معتمدين بشكل كامل على المساعدات القادمة من الخارج.
وأضافت: “لا نستفيد من أي خدمات صحية أو تعليمية، ووضعنا هنا سيئ للغاية”.
ويبعد مخيم أوغ حوالي 450 كيلومترًا عن العاصمة مقديشو، ويأمل سكانه بتلقي مساعدات من جهات خيرية ورسمية تركية.
** غياب الاستقرار الأمني
وتخوض الحكومة الصومالية منذ سنوات حربا ضد حركة “الشباب” التي تأسّست مطلع 2004، وتتبع تنظيم القاعدة، وتبنّت تفجيرات أودت بحياة مئات المدنيين وعناصر من الجيش والشرطة.
ومنذ يوليو/ تموز 2022 يشن الجيش ومسلحو عشائر وسط البلاد عمليات عسكرية ضد “الشباب”، وأعلنت السلطات استعادة السيطرة على مدن عديدة ومقتل مئات من المسلحين.
وعام 1960، استقلّ الصومال عن الاستعمارين الإيطالي والبريطاني واندمجا في ما يعرف بـ “جمهورية الصومال المتحدة”.
وعام 1969، قاد محمد سياد بري انقلابا عسكريا في البلاد بعد اغتيال الرئيس المنتخب عبد الرشيد شارماركي، وأعلن الصومال دولة اشتراكية وأَمم معظم اقتصادها.
لكنها انهارت كدولة ودخلت في حالة من الفوضى بعد الإطاحة بالنظام العسكري للرئيس محمد سياد بري عام 1991.