أثار تصريح عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، موجة غضب عارمة في الأوساط الحقوقية والنسائية. واعتبرت التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة أن تصريحاته “معادية لحقوق النساء”، وتمثل تراجعًا خطيرًا عن مكتسبات سنوات من النضال من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية.
اتهمت التنسيقية النسائية بنكيران بـ”ضرب حقوق أساسية للفتيات والنساء”، وذلك بعدما ربط في تصريحاته بين “خلاص النساء” والزواج، معتبرةً أن هذا الخطاب يُكرّس صورة نمطية تُختزل فيها المرأة في دور الزوجة والأم، وتُحرم من حقها في التعليم والعمل. ووصفت البلاغ الصادر عن التنسيقية هذا التصور بـ”الشاذ” و”الوصاية المقيتة”، مؤكدةً أنه يعكس عقلية “مغروقة في التخلف والرجعية”.
انتهاك للدستور والاتفاقيات الدولية:
أشارت التنسيقية إلى أن تصريحات بنكيران تتعارض مع الدستور المغربي، الذي يكفل المساواة بين الجنسين ويُلزم الدولة بتوفير تعليم “عصري ميسر الولوج وذي جودة” للجميع. كما أنها تتناقض مع التزامات المغرب الدولية، خاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وأهداف التنمية المستدامة، التي تُركز على ضمان التعليم الجيد والمساواة بين الجنسين.
أهداف سياسية أم إيديولوجيا متخلفة؟
رأت التنسيقية أن خطاب بنكيران “نكوصي” ويهدف إلى تحقيق “مكاسب سياسية ضيقة”، عبر استغلال خطاب تحريضي يُعيد إنتاج ثقافة التمييز. وحذرت من أن مثل هذه التصريحات تُهدد المنجزات التي تحققت في مجال حقوق النساء، وتُعيق بناء مجتمع ديمقراطي حداثي.
دعوة إلى التعبئة واليقظة:
دعت التنسيقية الدولة إلى “عدم التسامح” مع الخطابات التي تُهين حقوق النساء، كما حثت الأسر على تشجيع بناتها على التعليم، باعتباره وسيلة للتحرر من التبعية والعنف. وطالبت النخب السياسية والثقافية برفض مثل هذه “الخرجات”، التي لا تستهدف النساء فحسب، بل تُضعف أسس المجتمع الحديث.
تصريحات بنكيران أعادت إلى الواجهة الجدل حول مدى التزام النخب السياسية بحقوق النساء، وكشفت عن الهوة بين خطاب الدولة “الحداثي” وتيارات داخل المجتمع ما زالت تتمسك برؤى تقليدية. السؤال الآن: هل ستكون هذه الحادثة فرصة لإعادة تفعيل النقاش حول الإصلاحات القانونية والثقافية اللازمة، أم أنها مجرد حلقة في سلسلة طويلة من الصراع بين التقدم والرجعية؟