يسرع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتنفيذ خطتين متوازيتين في قطاع غزة الأولى تتمثل في تهجير آلاف الفلسطينيين تحت مسمى “الهجرة الطوعية” إلى دول خارجية، والثانية بالشروع في الاستيطان شمال القطاع. هذه الخطوات تأتي استجابة لضغوط شريكيه في الائتلاف، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين هددا بالانسحاب إذا فشلت مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار مع حركة حماس.
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن نتنياهو بدأ تحويل خطط التهجير التي ظلت حبيسة الأدراج لشهور إلى واقع ملموس، حيث عقد سلسلة اجتماعات دورية بمشاركة ممثلين عن جهاز الموساد ووزارة الخارجية ومؤسسات حكومية أخرى لوضع آليات التنفيذ. وتشمل الخطة تكثيف الاتصالات مع دول ثالثة لاستقبال فلسطينيي غزة، وسط مساعٍ إسرائيلية للحصول على دعم أميركي لتقديم “حوافز” لتلك الدول.
وحسب التحليل السياسي للصحفي إيتمار آيخنر، فإن رئيس الموساد ديفيد برنيع تلقى تعليمات بتوسيع نطاق المفاوضات، ما أسفر عن “تفاهمات أولية” مع خمس دول غير مُعلنة، مع تغيير مسار التهجير ليكون عبر إسرائيل ثم الأردن بدلاً من مصر. وفي سياق متصل، سبق أن أشار الإعلام الإسرائيلي إلى اتصالات مع إثيوبيا وليبيا وإندونيسيا، بينما يتابع برنيع –المتواجد حالياً في واشنطن– التنسيق مع المسؤولين الأميركيين.
في الجانب الموازي، وعد نتنياهو سموتريتش بالمضي قدماً في ضم أجزاء من شمال غزة وبدء الاستيطان فيها، كجزء من “المرحلة الأولى” للخطة الأوسع. هذه الخطوة تهدف إلى إرضاء القوى الاستيطانية التي تطالب بفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على القطاع بعد الحرب، بينما تُعتبر انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي الذي يحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة.
يُظهر تبني نتنياهو لهذه الخطط مدى هشاشة تحالف حكومته، حيث يحاول إبقاء بن غفير وسموتريتش في الصف عبر تقديم تنازلات تستهدف القاعدة اليمينية، حتى لو تعارضت مع الموقف الأميركي الرافض للتهجير أو التوسع الاستيطاني. كما تكشف الخطة عن محاولة إسرائيل تحويل ملف غزة من قضية احتلال إلى أزمة “لاجئين” تُحل خارج حدودها، مما قد يُفاقم الأزمات الإقليمية والدولية.
بينما تُراوح مفاوضات الأسرى مكانها، يبدو أن نتنياهو يلعب بورقتين خطيرتين: تهجير الفلسطينيين تحت غطاء “الإنسانية”، وفرض وقائع استيطانية جديدة، في سيناريو يُذكّر بالنكبة عام 1948. لكن نجاح هذه الخطط مرهون بردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات الأميركية والأوروبية لسياسات حكومة اليمين المتطرف.