جريدة

مغرب وإسبانيا.. اختبار الوضوح في ظل تغير المشهد السياسي

ميديا أونكيت24

 

تستعد العلاقات المغربية الإسبانية لاختبار جديد مع تزايد احتمالات عودة الحزب الشعبي (PP) إلى السلطة في مدريد، في وقت تطالب الرباط بوضوح استراتيجي، خاصة فيما يتعلق بملف الصحراء، الذي يُعتبر حجر الزاوية في التوافق الوطني المغربي.

الوضوح شرط للاستقرار الثنائي
بات من الواضح أن المغرب لم يعد يقبل التعامل مع الغموض في المواقف السياسية الإسبانية تجاه قضية الصحراء. فبعد التحول الدبلوماسي الذي قاده رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز عام 2022، والذي أيد فيه خطة الحكم الذاتي المغربية تحت السيادة الوطنية، أصبحت مدريد شريكاً أساسياً في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

غير أن التصريحات الأخيرة للحزب الشعبي، التي تؤيد موقف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي دون تأييد صريح لمقترح الحكم الذاتي، تثير قلق الرباط. كما أن بعض الإشارات، مثل اللقاءات مع ممثلي جبهة البوليساريو أو التقارب مع الجزائر، تعزز الشكوك حول استمرارية الدعم الإسباني للموقف المغربي في حال فوز الحزب الشعبي.

مكاسب الدبلوماسية الواضحة
أثبتت سياسة الوضوح التي انتهجها سانشيز نجاعتها في تعزيز التعاون الثنائي في مجالات حيوية مثل الطاقة، والأمن، والهجرة، والتجارة. كما ساهمت في تجاوز الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت عام 2021 بعد استقبال زعيم البوليساريو في مدريد.

ويُعتبر الموقف الإسباني الداعم للمغرب جزءاً من تحول دولي أوسع نحو تبني مقاربة واقعية في قضية الصحراء، بدعم من دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا. وفي هذا السياق، يُنظر إلى أي تراجع محتمل في موقف إسبانيا على أنه قد يعيد العلاقات إلى مربع التوتر والغموض.

الذاكرة الدبلوماسية تحذر من التقلبات
يستحضر المغرب الدروس المستفادة من الأزمات السابقة، مثل أزمة جزيرة ليلى عام 2002 خلال حكومة خوسيه ماريا أثنار، والتي كادت تعصف بالعلاقات الثنائية. ولا يُعتبر هذا التذكير تهديداً، بل تنبيهاً إلى أن التقلبات السياسية قد تُهدر سنوات من الجهود الدبلوماسية.

وفي الوقت نفسه، تؤكد الرباط أنها لا تنتهج سياسة الابتزاز، لكنها تطالب بشراكة قائمة على الوضوح والاحترام المتبادل. فالقضايا المشتركة، مثل الهجرة، ومكافحة الإرهاب، والاستثمارات الاقتصادية، تحتاج إلى ثقة متينة بين الجانبين.

استمرارية الشراكة.. خيار استراتيجي
تشير التحليلات إلى أن العلاقات المغربية الإسبانية لم تعد ثنائية فحسب، بل أصبحت جزءاً من شبكة مصالح جيوسياسية تمتد من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلسي وإفريقيا. وفي ظل التحديات الإقليمية، يبقى الحفاظ على المسار الحالي خياراً استراتيجياً يخدم الاستقرار والازدهار المشترك.

لذا، فإن الرسالة المغربية واضحة: أي حكومة إسبانية قادمة مطالبة بتبني موقف متسق يدعم الحل السياسي تحت سيادة المغرب، لأن أي غموض جديد قد يعيد العلاقات إلى نقطة الصفر، وهو ما لا تريده الرباط ولا مدريد.