جريدة

النقيب البصراوي: قرار المحكمة الدستورية يكشف حقيقة الاتفاقات وطرق تمرير القوانين

ميديا أونكيت 24

 قال الدكتور علال البصراوي، النقيب السابق لهيئة المحامين بخريبكة، إن قرار المحكمة الدستورية بإبطال مشروع قانون المسطرة المدنية بشكل شامل، بعد اعتباره غير دستوري في 36 مادة، يسلط الضوء على ضعف التشاور والتوافق حول هذا المشروع، خصوصًا فيما يخص الحقوق الأساسية، مثل فصل السلط وحقوق الدفاع. وأضاف أن الاتفاق الذي تم بين وزير العدل وجمعية هيئات المحامين حول النص القانوني، رغم ضرره لحقوق الدفاع، يتضح من خلال هذا القرار أنه كان غير مبني على توافق تشريعي حقيقي، ويؤكد غياب الدور الحقيقي للمعارضة في الطعن، مما يبرز خللاً في الآليات التشريعية والسياسية المعتمدة في تمرير مشاريع القوانين وفي تحليله لقرار المحكمة، أشار النقيب البصراوي إلى عدة ملاحظات مهمةحيت قال أطاحت المحكمة كليًا بمشروع قانون المسطرة المدنية، وهو ما ينهي إمكانية تمريره بشكل سليم من طرف الحكومة الحالية، لأسباب رئيسية، أهمها:

وجود 36 مادة اعتبرتها المحكمة غير دستورية، ويساهم ذلك بشكل مباشر في إلغاء باقي المواد التي تربطها بها.
اعتماد المحكمة على مراجعة جزئية، إذ اقتصر حكمها على المواد التي أظهرت بشكل واضح مخالفتها للدستور، تاركة مواد أخرى قد تكون ذات تأثير مشابه، وهو ما يفتح الباب لاحتمال إلغاء أجزاء أخرى من المشروع مستقبلًا، خاصة أن المحكمة أظهرت فكرًا تصعيديًا تجاه النصوص المتبقية.

كما أكد أن إلغاء المشروع في هذا الطور يعكس استحالة إجراء إصلاحات جوهرية عليه، خاصة مع اقتراب نهاية عمر الحكومة الحالية، وهو ما يضع العقبات الكبرى أمام إعادة مناقشته أو تمريره بطريقة دستورية سليمة.

الملاحظة التانية

حين رفض العديد من الجهات والفاعلين مشروع القانون، اقترحنا آنذاك أن يتم إحالته إلى المحكمة الدستورية من طرف المعارضة البرلمانية، المستوفية للشروط القانونية، إلا أن ذلك لم يحدث، وتم تمريره من قبل الأغلبية ثم الطعن فيه لاحقًا.
وهنا يطرح سؤال مهم: لماذا لم تستغل المعارضة حقها الدستوري في الإحالة، خاصة أن الفصل 132 يمنحها هذه الإمكانية؟
ولماذا يتم اعتماد تمرير المشاريع بالأغلبية، ثم الطعن فيها بعد ذلك، بدلًا من استعمال آليات الرقابة الدستورية مسبقًا، كوسيلة لمراقبة مدى دستورية القوانين قبل إقرارها؟

الملاحظة الثالثة:

المشروع الذي صدر بعد إقرار بعدم دستوريته كان في الأصل ثمرة اتفاق بين وزير العدل وجمعية هيئات المحامين، والقرار الأخير يوضح أن مثل هذه الاتفاقات تظل غير فاعلة إذا لم تكن تشاركية وشفافة، خاصة وأنها تضرب بشكل واضح حقوق الدفاع، كما هو الحال في مواد 17، 84، 90، و107 من القانون.
وهذا يذكرنا بمشروعات قوانين أخرى، مثل مشروع قانون المهنة، التي تُغير بصيغتها وعنوانها من قبل الجهات المعنية بطريقة تفتقد للشفافية والتشاور الحقيقي، في إشارة واضحة إلى ضرورة إعادة النظر في طرق تمرير التشريعات الأساسية ومستوى التشاركية فيها.

وفي الختام، يعكس قرار المحكمة الدستورية ضعف النهج التشريعي المغربي، ويؤكد ضرورة إعادة النظر في آليات تمرير القوانين لضمان احترام الدستور، وحماية حقوق الدفاع، والفصل الحقيقي للسلطات، لتظل السلطة التشريعية سارية على أساس التشاور الحقيقي والشفافية.