برز المغرب كأكثر الأسواق نشاطاً في شمال إفريقيا، محتلاً المرتبة 24 عالمياً بمعدل 0.142 نقطة، متقدماً على جيرانه مصر التي جاءت في المرتبة 26، والجزائر في المركز الثالث إقليمياً. بينما شهدت تونس وليبيا تراجعاً ملحوظاً، حيث حلتا في المرتبتين 52 و128 على التوالي.
هذه النتائج تأتي في إطار تقرير عالمي سلط الضوء على التحول الكبير في أنماط الاستثمار والمعاملات المالية، لا سيما في دول الجنوب العالمي التي تشهد نمواً متسارعاً في استخدام العملات الرقمية. ففي إفريقيا، بلغت نسبة الزيادة 52% خلال العام الماضي، مدفوعة بالطلب المتصاعد من قبل الأفراد والحاجة إلى معاملات عابرة للحدود أكثر مرونة وكفاءة. وعلى مستوى القارة، تصدرت نيجيريا المشهد محتلة المركز السادس عالمياً، تليها إثيوبيا في المركز الثاني عشرياً.
ولم يقتصر هذا النمو على القارة الإفريقية فقط؛ فقد سجلت منطقة آسيا والمحيط الهادئ قفزة كبيرة في حجم المعاملات، حيث ارتفعت من 1.4 تريليون دولار إلى 2.36 تريليون دولار، بقيادة اقتصادات صاعدة مثل الهند وفيتنام وباكستان. أما في أمريكا اللاتينية، فقد بلغت نسبة الزيادة في استخدام العملات الرقمية 63%، مما يعكس توجهًا متزايداً نحو بدائل مالية خارج الأسواق التقليدية.
رغم هذا التسارع الكبير في اعتماد العملات الرقمية بالجنوب العالمي، لا تزال الهيمنة من حيث القيمة والحجم الاستثماري في أيدي الأسواق التقليدية في أمريكا الشمالية وأوروبا، حيث تجاوزت استثمارات كل منهما 2.6 تريليون دولار في عام 2024. وحافظت الولايات المتحدة على صدارة الترتيب العالمي بحجم معاملات بلغ 4.2 تريليون دولار، تليها كوريا الجنوبية بحوالي تريليون دولر، ثم الاتحاد الأوروبي بنحو 500 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن البيتكوين لا يزال العملة الرقمية الأكثر شيوعاً واستثماراً على مستوى العالم، خاصة في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. في المقابل، تميزت كوريا الجنوبية بتنويع أكبر في المحافظ الاستثمارية الرقمية، مما يعكس ثقافة استثمارية متطورة ومتنوعة.
من ناحية أخرى، برزت دول أوروبا الشرقية مثل أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا كأسواق نشطة في تبني العملات الرقمية، وذلك نتيجة عدم الاستقرار الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم وفقدان الثقة في المؤسسات المالية التقليدية، مما دفع المواطنين إلى البحث عن بدائل رقمية أكثر أماناً ومرونة.
يظهر هذا التقرير أن العالم يشهد تحولاً تدريجياً نحو نمط مالي جديد، تقوده تقنيات البلوك تشين والعملات المشفرة، مع اختلاف الدوافع من منطقة إلى أخرى: فبينما يكون الدافع في بعض المناطق هو النمو الاقتصادي والابتكار، يكون في مناطق أخرى الهروب من الأزمات وعدم الاستقرار.