أعلنت قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) عن إكمال عملية الانتشار التاريخي للجيش اللبناني في مناطق الجنوب، حيث تم نشر القوات في أكثر من 120 موقعًا، في تعزيز غير مسبوق لسلطة الدولة وسيادتها على كامل أراضيها.
جاءت هذه الخطوة الكبرى كتتويج لسلسلة من التنسيق المكثف بين القيادة العسكرية اللبنانية وقادة قوات اليونيفيل المنتشرة في المنطقة منذ عام 2006. ووفقًا للبيان الرسمي للقوات الدولية، فإن هذه المواقع المنتشرة تغطي مناطق عمليات اليونيفيل في القطاع الشرقي والغربي، مما يخلق وجودًا عسكريًا لبنانيًا كثيفًا وفعّالاً على طول الخط الأمامي.
ولم يقتصر الانتشار على مراكز ثابتة، بل شمل أيضًا نقاط تفتيش متحركة ودوريات منتظمة تعمل على مدار الساعة، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار وطمأنة السكان المحليين بعد أشهر من التوتر المتصاعد على الحدود.
يأتي هذا الانتشار تنفيذًا مباشرًا للقرار الدولي رقم 1701، الذي أنهى حرب تموز 2006 ودعا إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وإلى انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني لأول مرة منذ عقود طويلة، بدعم من قوات اليونيفيـل المتعددة الجنسيات.
وعلّق المتحدث الرسمي باسم اليونيفيل على الخطوة بالقول: “يمثل انتشار الجيش اللبناني في هذه المواقع علامة فارقة بالغة الأهمية. إنه ثمرة شراكة متينة وتخطيط دقيق، ويعكس التزام لبنان بتحقيق الاستقرار الدائم في جنوبه. مهمتنا هي دعم الجيش اللبناني كي يكون القوة الوحيدة المسلحة في منطقة عملياتنا، وهذا الانتشار الكبير يقربنا أكثر من ذلك الهدف”.
على الأرض، استقبل أهالي القرى والبلدات الجنوبية انتشار الجيش بترحاب كبير، حيث رأى الكثيرون فيه حماية لهم من أي مواجهات محتملة وتعزيزًا لأمنهم اليومي. وقال أحد السكان من بلدة الخيام: “رؤية العلم اللبناني يرفرف، والجندي اللبناني في موقع متقدم يشعرنا بأننا تحت سقف دولة واحدة وسيادة واحدة. هذا وجود يطمئن القلب”.
يؤكد المراقبون أن هذا الانتشار الواسع ليس نقطة نهاية، بل بداية لمرحلة جديدة أكثر تعقيدًا، حيث تتركز المهمة على استمرار التنسيق الأمني والعسكري المباشر بين الجانبين اللبناني والدولي، وضمان عدم انتهاك السيادة اللبنانية، والعمل بشكل دؤوب لمنع أي تصعيد يمكن أن يعيد المنطقة إلى دوامة العنف.
هكذا، يكتب الجيش اللبناني فصلًا جديدًا من فصول سيادة الدولة، معززًا وجوده على كل شبر من أراضي الجنوب، ومثبتًا أنه ركيزة الأمن والاستقرار الأولى في البلاد.