وجهت النقابات والمنظمات المهنية الأكثر تمثيلًا في القطاع رسالة عاجلة إلى رئيس الحكومة، عبروا فيها عن “استيائهم العميق” من إصرار الحكومة على مواصلة مسطرة المصادقة على مشروع القانون رقم 26.25 القاضي بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة.
جاءت هذه الرسالة، الموقعة من قبل رؤساء النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والفيدرالية المغربية لناشري الصحف، والجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال (الاتحاد المغربي للشغل)، والنقابة الوطنية للإعلام والصحافة (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، والكونفدرالية المغربية لناشري الصحف والإعلام الإلكتروني، على خلفية قيام الحكومة بإحالة المشروع على مجلس المستشارين وعرضه أمام لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بالمجلس صباح يوم الاثنين 9 شتنبر 2025، وذلك بعدما صادق عليه مجلس النواب “في زمن قياسي”.
وشدد الموقعون على أن هذا الإجراء “ووجه برفض شبه مطلق من كافة الهيئات النقابية والمهنية الممثلة للصحفيين والناشرين والمنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني ومعظم الطيف السياسي والنقابي الوطني، وخلف استياء عارما وسط أوسع فئات الجسم الإعلامي والصحافي ببلادنا”.
وأعرب الموقعون عن “مفاجأتهم” بإصرار الحكومة على تمرير المشروع “ضدا عن إرادة المهنيين وهيئاتهم”، مشيرين إلى أن مبدأ الحوار والتفاوض “لم يتحقق لا مع اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، ولا مع الوزارة صاحبة المبادرة التشريعية”. واعتبروا أن حديث وزير القطاع عن “استناد الحكومة لما قدمته لها اللجنة المؤقتة باعتباره تشاورا” هو أمر “تنفيه المنظمات الوازنة في القطاع وتحتج عليه”.
وفي تفصيلهم لمواطن الخلل، أوضح الموقعون أن المشروع “سواء من حيث المرجعيات والسياق أو الأهداف والمقتضيات مخالف لأحكام الدستور ولأسس دولة القانون، وفلسفة التنظيم الذاتي وجوهره، ويتعارض في مقتضياته مع نصوص باقي القوانين في البلاد، وعلى رأسها الفصل 28 من الدستور، إضافة إلى مدونة الصحافة والنشر”.
وسرد الموقعون جملة من الانتقادات الجوهرية للمشروع، والتي يمكن إجمالها في:
خرقه لأحكام الدستور، خاصة الفصول 25 و27 و28، وضربه لمبدأي الاستقلالية والديمقراطية، وعدم نشره استباقيًا على موقع الأمانة العامة للحكومة.
فرض نمطين متعارضين (الانتخاب للصحفيين والتعيين للناشرين)، وربط التمثيلية بمعايير مالية (رقم المعاملات وعدد المستخدمين) مما يمنح المؤسسات الكبرى سيطرة على قرار المجلس ويقصي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
تراجع في النظام الانتخابي: تبني نظام الاقتراع الفردي المفتوح لانتخاب ممثلي الصحافيين بدلاً من نظام اللوائح النقابية، وهو ما يعتبر “تراجعًا واضحًا” عن تجربة 2018.
إضعاف استقلالية ممارسة الصحافة والحد من حريتها مع منح هيئة من “الناشرين الكبار” سلطات إدارية وتنفيذية وتأديبية، مما يتعارض مع الدستور والتزامات المغرب الدولية.
وفي ختام الرسالة، طالب الموقعون رئيس الحكومة “بالتدخل الفوري والعاجل من أجل سحب المشروع من مجلس المستشارين وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي القطاعي”. ودعوا إلى “إعادته بعد التفاوض والتوافق حوله بالمجلس بناء على المادة 78 من الدستور نظرا لطابعه الاقتصادي والاجتماعي والمهني”.
وحذروا من أن استمرار الحكومة في تمرير المشروع “استنادا إلى الأغلبية العددية” ومن “باب العناد والتعنت” سينتج عنه “قانونا سيبقى بلا أثر ولا دعم ولا قبول من قبل المهنيين”، وبالتالي “لن تكون له أي شرعية أو مصداقية في الميدان”، معتبرين أنه سيكون “جهدا تشريعيا بلا هدف”.
هذا التصعيد يضع الحكومة أمام اختبار حقيقي لإرادتها في احترام حوار القطاع الاجتماعي والتشبث بمبادئ دولة القانون واستقلالية المهنة، في قضية تمس حرية التعبير وصورة المغرب الحقوقية داخليًا ودوليًا.