تحولت وقفة احتجاجية أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني في أكادير إلى بؤرة على أزمة صحية عميقة، بعد ظهور حالات إنسانية صعبة خلال التظاهرة السلمية، مما دفع السلطات إلى تدخل عاجل وأثار جدلاً واسعًا حوّل قضية المستشفى إلى شأن رأي عام.
تفاعلاً مع المشاهد المأساوية التي انتشرت على نطاق واسع، خاصة صور رضيع يعاني من تشوه خلقي، بادر والي جهة سوس ماسة، أحمد حجي، بتنسيق مع المديرة الجهوية للصحة، إلى اتخاذ إجراءات طارئة للتكفل بالمرضى.
ووفق معلومات خاصة، تم التركيز بشكل كبير على حالة الرضيع، حيث التقت المديرة الجهوية للصحة بوالده شخصيًا، وتم على الفور توجيه الطفل إلى المستشفى الجامعي في مراكش عبر سيارة إسعاف مجهزة لتلقي العلاج اللازم في خطوة وصفت بالإيجابية لكنها أثارت تساؤلات حول ضرورة الوصول إلى هذه المرحلة من أجل الحصول على الحق الأساسي في العلاج.
ومن المقرر أن تلتقي المسؤولة الصحية اليوم بسيدة ظهرت تعاني من إصابة في رجلها، ومواطن آخر مصاب في يده، في إطار متابعة الحالات التي برزت خلال الوقفة الاحتجاجية.
تكشف هذه التطورات السريعة عن عمق الأزمة التي يعانيها المستشفى، حيث تجاوز النقاش الطابع الإداري الضيق ليتحول إلى قضية مجتمعية تهم كل سكان الجهة. وأصبحت صور المعاناة الإنسانية أمام المستشفى وسائل التواصل الاجتماعي أدوات ضغط غير مسبوقة أجبرت المسؤولين على اتخاذ خطوات ملموسة.
ووفق مصادر مطلعة، فإن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تُعد حزمة من التدابير الاستعجالية، من بينها زيارة مرتقبة للوزير إلى أكادير لوضع خطة شاملة تهدف إلى “إعادة الاعتبار للمرفق الصحي”، في اعتراف ضمني بحجم المشاكل البنيوية التي تعتريه.
ورغم المحاولات التي يبذلها بعض الأطراف، وفق المراقبين، لاستثمار حالة السخط وتغذية أجندات خاصة، إلا أن المطلب الأساسي الذي يجمع المواطنين يبقى واضحًا وبسيطًا: ضمان الحق في العلاج في ظروف لائقة وإنهاء معاناة الأسر مع أعطاب المنظومة الصحية التي طال أمدها.
هذه الواقعة لم تكن مجرد احتجاج عابر، بل أصبحت اختبارًا حقيقيًا لإرادة السلطات في الإصلاح، ومرآة عكست حجم الهوة بين الخطاب الرسمي والواقع المعيش للمواطن البسيط الذي يطالب فقط بالكرامة في تلقي الرعاية الصحية.