يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ البقرة:195، ويقول سبحانه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ النساء:29.
هاتان الآيتان الكريمتان تضعان الإنسان أمام حقيقة إيمانية راسخة، النفس أمانة عند خالقها، والانتحار محرّم شرعا، وعلى ضوء هذا الهدي القرآني، تأتي حادثة الراحل الخمسيني، الذي وافته المنية بعد أن أضرم النار في جسده، لتثير نقاشا مؤلما لا ينبغي أن يُستغل في غير محله.
الراحل، نسأل الله له الرحمة والمغفرة، فهو في ذمة العلي القدير، الذي يغفر الذنوب جميعا إلا الشرك به، وهذا ما يدفعنا إلى الترحم عليه والدعاء له، بدل الانجرار وراء محاولات البعض في استغلال المأساة لإثارة الفتن وتأجيج العواطف.
المؤسف أن هناك من يحاول إضرام فتيل الفتنة أكبر من إضرام النار في جسد الرجل الذي اسلم الروح الى بارئها، عبر صناعة “البوز” الافتراضي وترويج مغالطات لا تمت للواقع بصلة في محاولة يائسة لإستغلال حتى “الموت” مع الأسف في تصفية الحسابات مع إخفاء الحقائق ولو كان للبعض شرف وذمة لصمتوا خيرا لهم، فهم يلعبون بالنار التي ستحرقهم في نهاية المطاف.
فالمعطيات الثابتة تفيد أن الراحل استغل كشك زهاء سنتين دون ترخيص، حيث أقدم على كرائه لبائع القهوة، كما اشتغل في فترة من الفترات في بيع المأكولات كـ”شواية السردين”، دون أن يتعرض لأي إنذار من المجلس الجماعي لمولاي عبد الله أمغار، أو تدخل من السلطة المحلية أو الدرك الملكي لمنعه، وحسب مصدر مسؤول فإن رخصته جاهزة ولم يقم بسحبها لعدم اداءه ما بذمته لفائدة الجماعة الترابية.
وإذ نؤكد أن من الأخلاق الإسلامية أن نذكر موتانا بخير، فإننا نتحفظ عن الخوض في تفاصيل تمس شخصه ولحظة حرق نفسه على الساعة الواحدة ليلا من ليلة السبت الأحد.
غير أن ما يستوجب التنبيه إليه، هو محاولات البعض استغلال الواقعة لتصفية الحسابات الضيقة أو للنيل من المؤسسة الدستورية الجماعة الترابية لمولاي عبد الله أمغار، او تصريف الأحقاد الدفينة تجاه فئة من الشباب والنساء يستغلون الملك العمومي بشكل قانوني، وانخرطوا بتلقائية في تعزيز جمالية اكشاكهم، ويؤدون واجباتهم المالية لفائدة الجماعة الترابية، لذلك من يرى ان يستغل “الموت” لضرب هؤلاء فعليه ان يعيد قراءة وتهذيب نفسه من البغض وآفة الحسد.
إن محاولة الاصطياد في الماء العكر، في لحظة حزن ومأساة، هو لا يخدم لا الحقيقة ولا الصالح العام، بل يزرع بذور فتنة ومخطئ من يعتقد ان بذلك سيمس بالسلم الاجتماعي او يعتقد انه سيقوم بإبتزاز جهة ذات مسؤولية وطنية قصد تحقيق مصالحه الاقتصادية.
والأخطر من كل هذا، هي ما لا نعلمه مستقبلا عن ماذا سيقع من احداث أخرى، وكيف سيتم معالجتها إعلاميا، فسُلطة الصحافة أضحت في أيدي من لا يُقَدِر السلاح الذي بيده، وهو مثل المجنون اذا ما تم منحه سلاحا ناريا فكن على يقين انه سيصيب به يمينا ويسارا.
وفي اعرافنا المهنية الصحفية نقول أصلا “ليس كل خبر يُنشر”.
لذلك كان الصحفي الحقيقي يبحث عن قراء يثقون في صدقه، لا عن إعجابات وهمية عابرة او اثارة فتنة.
ختاما، رحم الله الراحل، وهدى الله المتربصين.