جريدة

المغرب يعزز استراتيجيته الاستخباراتية لمواجهة التهديدات الرقمية في أفق 2030

ميديا أونكيت 24

كشف تقرير حديث صادر عن معهد “روك للدراسات الجيوسياسية والأمنية” عن دخول المغرب مرحلة جديدة في صياغة استراتيجيته الاستخباراتية، وذلك في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم على المستويين الرقمي والأمني.

وأبرز التقرير أن التهديدات الأمنية لم تعد تقتصر على الإرهاب التقليدي، بل امتدت إلى الفضاء الرقمي، حيث تواجه المملكة هجمات سيبرانية تستهدف البنيات التحتية الحيوية، وأشكالاً جديدة من التجسس الاقتصادي، بالإضافة إلى استخدام مقاطع الفيديو المزيفة للتأثير على الرأي العام.

منذ أحداث الدار البيضاء الإرهابية في عام 2003، التي أودت بحياة 45 شخصاً، اعتمد المغرب القانون 03-03 كأساس للتشريعات المرتبطة بمحاربة الإرهاب. وعلى مدى العقدين الماضيين، تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية من تفكيك أكثر من ألفي خلية إرهابية، مما عزز سمعة المملكة كفاعل إقليمي رئيسي في مكافحة التطرف.

غير أن التقرير يشير إلى أن التحديات الراهنة تفرض على المغرب إعادة النظر في أدواته الاستخباراتية لمواكبة التطورات في الفضاءات الرقمية، التي أصبحت مسرحاً رئيسياً للجريمة المنظمة.

وشدد التقرير على ضرورة إدماج الذكاء الاصطناعي في العمل الاستخباراتي، خاصة في تحليل الكم الهائل من البيانات المنتشرة عبر الإنترنت، ورصد المؤشرات المبكرة للتهديدات. كما أوصى ببلورة إطار قانوني يضمن شفافية عملية جمع المعلومات، ويوضح أهدافها وأساليبها والجهات المسؤولة عنها، تحقيقاً للتوازن بين الفعالية الأمنية واحترام الحقوق والحريات.

ولمواجهة الجرائم العابرة للحدود، دعا التقرير إلى إدخال مفهوم “سلسلة الحفظ الرقمية” في القانون الجنائي، لضمان سلامة الأدلة الرقمية أمام القضاء. كما اقترح وضع ضوابط خاصة لحماية القطاعات الحساسة مثل النقل والطاقة والصحة والمالية، وتنظيم تدريبات سنوية لمحاكاة الهجمات السيبرانية بمشاركة مختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

وخلص التقرير إلى أن تحديث المنظومة الاستخباراتية لا يقتصر على الجوانب التقنية فحسب، بل يمثل استثماراً استراتيجياً في تعزيز شرعية الدولة ومصداقيتها ومرونتها أمام التحديات المقبلة. وأكد أن أجهزة الاستخبارات المغربية ستظل في قلب رؤية المملكة لمواجهة التهديدات المتطورة مع اقتراب أفق 2030.

يأتي هذا التقرير في وقت تواجه فيه الدول حول العالم تحديات أمنية متزايدة بسبب التطور التكنولوجي السريع، مما يتطلب تكيفاً مستمراً للاستراتيجيات الأمنية لضمان الحماية والفعالية في بيئة متغيرة.