جريدة

هشام بن الشاوي يكتب الوطن غفور رحيم

مر،اسلة القرفي مصطفى ميديا اونكيت 24

 

يحال شاب مغربي غرير على السجن، ويتابع بتهم بمقاس كبير جداً. شاب ضحية منظمومة تعليمية فاشلة، لم تفلح سوى في أن تزرع اليأس في نفوس شباب اختار الكثيرون منهم الهروب إلى الفردوس المفقود.
وبينما يطالب جيل جديد بإقالة الحكومة، وهو طلب يبدو سرياليا، لا سيما وأن هذه الحكومة تعيش شهورها الأخيرة، بعد أن دعت هذه الحكومة تلك الحركة إلى الجلوس إلى طاولة الحوار، ونعلم أنها لا تملك الصفة القانونية، ونتذكر جميعاً ما حدث مع التنسبقيات إبان الحراك التعليمي، الذي شكل نقطة مضيئة في مسيرة النضال المغربي، لكن
بسبب قانون الإضراب اكتفت نخبة المجتمع بالمشاهدة، في حين تفرغ بعض وزراء حكومة رجال الأعمال للعنتريات الجوفاء، متناسين أن هذا الشعب هو من اختارهم للدفاع عن حقه في العيش الكريم…
لن نخوض في تفاصيل ما حدث للشاب الدكالي، فلا وقت لتوبيخ أي أحد، لكن بعملية ربط بسيطة بين الوقائع نستنتج أننا نحصد ما زرعناه، وكتبت – هنا أكثر من مرة- عن المؤثرين، الصحافة التي تقتات على البذاءة والتفاهة…
لا أدري لماذا يذكرني هذا الشاب الغرير بفيلم “البريء” للراحل عاطف الطيب، الذي استطاع رغم عمره القصير أن يهدينا أفلاما خالدة في ذاكرة عشاق الفن السابع. ربما، تحمس الحسن مثل أبطال فيلم “الإرهاب والكباب”، والفيلمان معا من كتابة “الداهية” وحيد حامد، ذلك القاص القروي الذي فشل في الأدب تقريباً، لكنه نجح في أن يصنع بصمته الخاصة في الكتابة الدرامية والسينمائية، وبرهن على أهمية القوة الناعمة، التي أهملناها واكتفينا بـ”السيتكومات” التافهة، حتى رأينا بعض الأفعال المشينة تتحول إلى مادة للضحك المبتذل في السوشيال ميديا، كأنما تناسى هؤلاء الرعاع أن ذلك الشرطي الذي تم رشقه بحجر مواطن كالآخرين…
قبل أيام، ومع اندلاع الاحتجاجات فكرت في أن الوطن شعاع شمس يغازل الجدران في صباح خريفي ضبابي، أغرودة عصفور ينقر سكينة مدينة لازالت تتثاءب.. الوطن يتمطى في عيون أطفال في طريقهم إلى المدرسة نصف نيام… ومع ذلك فشلت في أن ألملم ما ضاع مني في ذلك الصباح المشوش، وعجزت عن كتابته، لأن بعض الأحداث تدفعنا إلى الصمت والتأمل، وحجز مسافة زمنية بيننا وبينها… هكذا علمنا الأدب!
لن نتسامح مع المخربين والمتربصين والمعتدين والمندسين، ومع ذلك نناشد هيئة المحكمة الموقرة أن تنظر بعين الرأفة – وبكثير من الرحمة – إلى حالة الشاب الحسن، الذي كان ضحية لحظة حماس طائش، تحولت إلى مادة للتندر، على الرغم من خطورة أقواله، لأن “الوطن غفور رحيم”، كما قال الملك الراحل الحسن الثاني، ونعلم السياق الذي قيلت فيه، والحسن لم يخن هذا الوطن ولن يخونه أبدا، ولن يكون من أعداء الوطن.