جريدة

سوق الأجبان في ورطة بالرغم من المحاولات الرسمية لطمئنة المستهلك

ميديا أونكيت 24

أثار مقطع فيديو لا يتجاوز دقيقة واحدة، موجة عارمة من الغضب والجدل في المغرب، حول سلامة أحد أكثر منتجات الأجبان شيوعاً على الموائد، ليضع علامة “كيري” القابلة للدهن في قلب عاصفة من المقاطعة والاتهامات.

كانت البداية من فرنسا، حيث نشر صانع المحتوى “أنسوليتا” مقطعاً على “تيكتوك” يقارن بين مكونات منتج “كيري” المتوفر في السوق المغربي ونظيره الفرنسي. كشف الفيديو أن العلبة المغربية (بسعر 15 درهماً) تحتوي على ثلاث إضافات غذائية لا توجد في العلبة الفرنسية (بسعر 2 يورو)، وهي: الفوسفات ثلاثي الكالسيوم (E341)، والكاراجينان (E407)، والبوليفوسفات (E452).

تساءل صانع المحتوى بشكل مباشر: “لماذا تضيفون هذه المواد في المغرب ولا تضيفونها في فرنسا؟”، واصفاً إياها بـ”المسرطنة”، مستنداً إلى آراء شائعة على الإنترنت. كان ذلك كافياً لإشعال الغضب، حيث تحول الهاشتاغ #مقاطعة_كيري إلى ترند واسع، وامتدت الدعوة إلى مقاطعة أجبان مذابة أخرى، فيما دعا مستخدمون إلى العودة إلى الأجبان التقليدية المحلية.

 

في خضم التصعيد، خرج المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) بتصريح رسمي ليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025، حاول فيه تهدئة الأوضاع. أكد البيان أن المواد المثيرة للجدل “مرخصة وخاضعة للمراقبة” في المغرب، وأن استعمالها يتوافق مع المعايير الوطنية والدولية المعمول بها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وشدد “أونسا” على أن هذه المنتجات “لا تشكل خطراً على صحة المستهلك”، وأن المؤسسات المنتجة تخضع لمراقبة منتظمة. ومع ذلك، لم يقنع هذا التصريح الكثيرين، الذين رأوا فيه رداً روتينياً لم يعالج السؤال الجوهري: لماذا الاختلاف في المكونات بين السوقين إذا كانت جميعها آمنة؟

 

بحسب الهيئات العلمية الدولية مثل الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاء (EFSA)، فإن الإضافات الثلاثة مسموح باستخدامها عالمياً في الصناعات الغذائية بكميات محددة.

الفوسفات ثلاثي الكالسيوم (E341) يستخدم كمثبت ومصدر للكالسيوم والكاراجينان (E407) مستخلص من الطحالب لتحسين القوام والبوليفوسفات (E452) يحسن من خصائص الذوبان والتماسك.

الخلاف العلمي يدور حول الآثار طويلة المدى لاستهلاك هذه الإضافات بتراكيز عالية، وليس حول سميتها المباشرة. التفسير الصناعي يشير إلى أن هذه المواد تُستخدم غالباً في المنتجات الاقتصادية لتحسين قوامها وإطالة عمرها الافتراضي، وهو ما قد يفسر وجودها في النسخة المغربية الأر ثمناً.

 

تجاوزت هذه العاصفة منتج “كيري” لتصبح قضية رأي عام. لقد كشفت عن هشاشة الثقة بين المستهلك المغربي والجهات الرقابية من جهة، والعلامات التجارية الكبرى من جهة أخرى. كما سلطت الضوء على ظاهرة “المعاملة المختلفة” للمستهلكين في الأسواق النامية، حيث تُقدم منتجات بمواصفات وجودة قد تختلف عن تلك في الأسواق الأوروبية، حتى لو كانت تحمل العلامة التجارية نفسها.