جريدة

الحزب الشعبي الإسباني : من اليمين المعتدل إلى مواجهة المغرب

ميديا أونكيت 24

دخل الحزب الشعبي الإسباني المعارض في مواجهة مفتوحة ضد المغرب من خلال سلسلة من المبادرات البرلمانية واللقاءات المثيرة للجدل، مما يهدد بزعزعة استقرار العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين.

شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً بارزاً من الحزب الشعبي الإتصاني ضد المغرب، حيث طالب بالتراجع عن تغيير الموقف الإسباني بشأن قضية الصحراء المغربية الذي وقعه رئيس الحكومة بيدرو سانشيز عام 2022. كما قدم الحزب ثلاثة مقترحات في الكونغرس الإسباني بشأن النزاع، اثنان منهما تعزيز المساعدة الإنسانية لمخيمات اللاجئين” وانتقاد تحول سانشيز.

في مشهد يعكس تحالفات غير مسبوقة، قدم حزب سومار اليساري مقترحاً ثالثاً دافع فيه عن إجراء استفتاء على تقرير المصير، وحصل على دعم مفاجئ من الحزب الشعبي اليميني في كلا الاقتراحين. بينما اختار الحزب الاشتراكي الإسباني الامتناع عن التصويت، في مؤشر على التباعد الواضح بين مواقف الأحزاب الإسبانية الرئيسية تجاه القضية.

تصاعدت حدة المواجهة عندما عقد خمسة نواب من الحزب الشعبي اجتماعاً في جزيرة غران كناريا مع ممثلين عن جبهة البوليساريو. وحضر الاجتماع، الذي عقد في المجلس البلدي للجزيرة، اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الشعبي والمستشار بحكومة أرخبيل الكناري للتضامن الدولي، كارميلو راميريز.

ويأتي هذا اللقاء في سياق تاريخي من العلاقات المتوترة بين الحزب الشعبي والمغرب، حيث سبق للمغرب أن أغلق أبوابه في وجه زعيم المعارضة اليمينية في إسبانيا ماريانو راخوي due إلى المواقف المعادية للمغرب التي تبناها الحزب.

تعود جذور التوتر بين الحزب الشعبي والمغرب إلى سنوات مضت، حيث سبق أن وصفت الرباط مواقف الحزب بأنها “معادية للمغرب”. ويرجع المراقبون هذا الموقف إلى تأثير مؤسسة أثنار التي تسيطر على صنع قرار الحزب بشأن الرباط، والتي تُوصف بأنها متطرفة في مواقفها تجاه العالم العربي.

يأتي هذا التصعيد في وقت تواجه فيه العلاقات المغربية الإسبانية امتحاناً جديداً، خاصة مع احتمالات تشكيل حكومة إسبانية جديدة بقيادة الحزب الشعبي وحزب فوكس اليميني المتطرف. ويحذر خبراء العلاقات بين البلدين من أن النخبة المتحكمة في الحزب الشعبي لا تعرف المغرب بشكل جيد، وأن المسؤول عن العلاقات الخارجية للحزب “إستيبان بونس غونزاليث” مقرب جداً من الجزائر والبوليساريو.

كما أن حزب فوكس اليميني المتطرف، رغم عدم تشدده في قضية الصحراء المغربية ومقاطعته للبوليساريو، فإن له ارتباطات ببعض التيارات المتشددة داخل المؤسسة العسكرية المناوئة للوحدة الترابية للمغرب.

تشكل هذه التطورات الأخيرة اختباراً حقيقياً لمرونة العلاقات المغربية الإسبانية، في وقت تبدو فيه المشهدية السياسية في إسبانيا منقسمة بشكل حاد حول قضية الصحراء. ويبقى السؤال المطروح: هل ستنجح الدبلوماسية المغربية في امتصاص هذا التصعيد، أم أن العلاقات الثنائية مقبلة على مرحلة جديدة من التوتر في ظل التحولات السياسية المتسارعة في إسبانيا.