جريدة

كندا تُطلق تجربة التأشيرة الرقمية العالمية من المغرب

ميديا أونكيت24

كشفت الحكومة الكندية، في أواخر نوفمبر 2025، عن إطلاق مشروع تجريبي هو الأول من نوعه عالميًا للتأشيرة الرقمية، واختارت المغرب ليكون الشريك الأول في هذه المبادرة الرائدة. يأتي هذا الإعلان كتتويج لمسار استراتيجي تتبناه كندا نحو التحول الرقمي الشامل لمنظومة الهجرة والسفر، بهدف جعل الإجراءات أسرع وأكثر أمانًا وملاءمة للمسافرين الدوليين.

يستهدف النظام الجديد، في مرحلته الأولى، مجموعة محدودة من المسافرين المغاربة الحاصلين مسبقًا على تأشيرة زيارة كندية سارية، حيث سيحصلون على نسخة رقمية من تأشيرتهم إلى جانب الملصق التقليدي (الفيزا) في جوازات سفرهم.

لم يكن اختيار المغرب كأول دولة تجرب النظام وليد الصدفة، بل يأتي تتويجًا لعلاقات ثنائية متينة ومتنامية، خاصة في مجال حركة الأفراد. وتشير البيانات الحديثة إلى أن المغرب يحتل موقعًا متميزًا في الخارطة الهجرية الكندية.

يبرز عمق العلاقات بين البلدين، لا سيما في المقاطعات الناطقة بالفرنسية مثل كيبيك وأونتاريو، والتي تحتضن جاليات مغاربية مستقرة ومندمجة منذ عقود.

شهدت حركة السفر من المغرب إلى كندا نموًا بمعدلات مضاعفة منذ إطلاق رحلات طيران مباشرة في عام 2023، مع احتفاظها بنسب رفض منخفضة للتأشيرات مقارنة بمتوسط القارة الأفريقية.

وفقًا لإحصائيات رسمية، تصدر المغرب دول المغرب العربي من حيث عدد الحاصلين على الجنسية الكندية في النصف الأول من عام 2025، حيث تجنس 1835 مواطنًا مغربيًا، مما يمثل حوالي 7% من إجمالي الأفارقة الجدد في كندا خلال تلك الفترة.

صُمم النظام التجريبي ليكون بداية لثورة في كيفية حصول المسافرين على تأشيراتهم واستخدامها.

سيتم تخزين التأشيرة الرقمية على منصة إلكترونية مؤمنة تابعة لوزارة الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندية (IRCC)، ويمكن الوصول إليها وإدارتها رقميًا. خلال مرحلة الاختبار، سيتلقى المشاركون نسختهم الرقمية بالإضافة إلى التأشيرة الورقية التقليدية الملصقة في جواز السفر.

يتوقع أن يقلل النظام الجديد من الوقت اللازم لإصدار التأشيرة بعد الموافقة، من خلال إلغاء الحاجة لإرسال جواز السفر بالبريد لتلصيق التأشيرة.

تعد الوثائق الرقمية أصعب في التزوير، مما يعزز الأمن الحدودي ويقلل من عمليات التحقيق الثانوية المكلفة.

يمكن للمسافرين إدارة وثائق سفرهم إلكترونيًا، وتقليل مخاطر فقدان أو تلف جوازات السفر التي تحتوي على التأشيرة الورقية.

يتم تصميم النظام بالكامل ليكون متوافقًا مع أعلى معايير الخصوصية وحماية البيانات الكندية والدولية.

تتطلع السلطات الكندية من خلال هذا المشروع إلى ما هو أبعد من التجربة المغربية. يهدف الاختبار، الذي من المقرر أن يستمر لعدة أشهر، إلى جمع ملاحظات تقنية وتقييمات من المستخدمين الفعليين، لضمان أن النظام سهل الاستخدام وآمن تمامًا قبل التفكير في تعميمه.

مرحلة تجريبية حذرة: يركز المشروع حاليًا على مسافرين مغاربة سبق لهم الحصول على تأشيرة كندية، مما يوفر بيئة اختبار مثالية مع أشخاص على دراية بالإجراءات، ويمكنهم تقديم ملاحظات دقيقة حول تجربة النظام الجديد.

إذا أثبتت التجربة نجاحها، فقد تمهد الطريق لتحويل التأشيرة الرقمية إلى معيار عالمي، حيث تخطط كندا لتوسيع النظام ليشمل دولًا أخرى مطلوبة للتأشيرة خلال عام 2026. هذا من شأنه أن يبسط السفر الدولي ويقلل الاعتماد العالمي على الإجراءات الورقية المعقدة.

سيسمح النظام، عند اكتماله، بتنظيم رحلات في اللحظة الأخيرة بمرونة أكبر، حيث ستكون التأشيرة جاهزة رقميًا فور الموافقة دون انتظار البريد.

لقطاع الأعمال: ستستفيد الشركات التي ترسل موظفيها في رحلات عمل إلى كندا من تخفيض تكاليف البريد السريع وتجنب الإرباكات الناتجة عن فقدان جوازات السفر. ومع ذلك، سيحتاجون إلى تحديث إجراءات الموارد البشرية الداخلية لتخزين وإدارة أدلة التأشيرة الرقمية.

لا تأتي التأشيرة الرقمية في فراغ، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تتبناها الحكومة الكندية لتحديث خدمات الهجرة وجعلها أكثر شفافية وسهولة. فعلى سبيل المثال، أطلقت وزارة الهجرة مؤخرًا أداة رقمية جديدة تزود كل متقدم بتقدير زمني شخصي لمدة معالجة طلبه، سواء للإقامة الدائمة أو الجنسية، بدلًا من الاعتماد على أرقام عامة.

كما أن هذا التوجه يعكس رغبة كندا في تعزيز تنافسيتها في جذب الزوار والمهنيين ذوي المهارات العالية من حول العالم، من خلال تقديم تجربة دخول وسفر سلسة ومتطورة تقنيًا.

باختيار المغرب ليكون بوابة انطلاق هذه الرحلة الرقمية، تؤكد كندا مجددًا على عمق الشراكة الاستراتيجية والثقافية مع المملكة. وتمثل هذه الخطوة، في حال نجاحها، إنجازًا تقنيًا وإداريًا يضع كندا في صدارة الدول الرائدة في تحويل خدمات الهجرة إلى العصر الرقمي، ويعد بواقع جديد أسهل وأكثر أمانًا للمسافرين بين البلدين والعالم.