جريدة

“شهادات عليا… تكوين ضعيف! كيف نحصل على ماستر ودكتوراه وسط تساؤلات متزايدة؟”

ميديا أونكيت24

لم يعد موضوع الشواهد العليا مجرّد قضية قطاع التعليم، بل أصبح حديث الرأي العام في مختلف المدن المغربية، حيث ارتفعت الأصوات حول ظاهرة الحصول على شهادات الماستر والدكتوراه بسهولة، في وقت يُسجّل فيه ضعف تكوين عدد من الخريجين وعجزهم عن اجتياز مباريات التوظيف. هذه الظاهرة العامة، التي تُثار في كل مكان، تظهر بوضوح داخل مدينة فاس أيضاً، حيث بدأت التساؤلات تتصاعد: كيف يحصل البعض على شهادات عليا رغم غياب الكفاءة العلمية والمهنية الكافية؟ ومن يراقب جودة التكوين؟ وهل أصبح اللقب أهم من المعرفة؟

في السنوات الأخيرة، ازدادت أعداد الحاصلين على الشهادات الجامعية العليا، لكن المفارقة الصادمة تكمن في أن عدداً كبيراً منهم يعجز عن الإجابة عن أسئلة أساسية في مجال تخصصه، أو عن اجتياز مباراة عمومية بنجاح. تسريبات عديدة انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي تضع الأصبع على الجرح، وتدفع الرأي العام لطرح أسئلة جريئة:
هل التكوين فعلي أم نظري فقط؟ هل كفاءة الطالب هي التي تُقَيَّم… أم الملامح والسيرة الذاتية والتوصيات؟ وهل أصبح الحصول على شهادة ماستر أو دكتوراه مسألة شكلية أكثر من كونها علمية؟

في مدينة فاس، كما في مدن أخرى، برزت مؤسسات ومعاهد خاصة أصبحت تقدم مسارات أكاديمية مغرية، لكن النتائج في مباريات التوظيف تكشف ضعفاً في التكوين، وغياباً للكفاءات، وعدم تطابق بين مضمون الدراسة وحاجيات سوق الشغل. هذا التناقض طرح مخاوف جدية بشأن سمعة الشهادات العليا، خاصة عندما يُلاحظ أن بعض الحاصلين على الماستر أو حتى الدكتوراه يفتقرون لأبسط أدوات البحث العلمي أو مهارات التواصل المهني. المشكل لم يعد يهم الطلبة فقط، بل أصبح موضوعاً مجتمعياً يتطلب إجابة واضحة هل الشواهد العليا تُمنح بناءً على البحث والاجتهاد… أم على العلاقات والتوجيهات؟لماذا لا تُفرض اختبارات صارمة قبل نيل شهادة الماستر والدكتوراه؟وكيف يمكن لشاب أن يتخرج بدرجة علمية عالية دون أن يمتلك قدرة حقيقية على العمل في الميدان؟ولماذا تتنامى ظاهرة “اللقب الأكاديمي” بينما المضمون العلمي في تراجع؟

تسربات عديدة، غير مؤكدة لكنها مثيرة للجدل، انتشرت مؤخراً وتحدّثت عن طرق “غير أكاديمية” للحصول على شواهد عليا، ما جعل المتتبعين في حيرة، وفتح الباب أمام ضرورة فتح نقاش وطني حقيقي حول جودة التعليم، ومعايير الولوج إلى الماستر والدكتوراه، وشفافية مباريات الانتقاء.

إن أزمة الشواهد ليست مجرد أزمة تعليم، بل أزمة ثقة في النظام بأكمله. فحينما يُمنح اللقب دون جودة علمية، يفقد الباحث مكانته، وتُصدم المؤسسات، ويُهان سوق الشغل، وتتحول الجامعة إلى فضاء يمنح الألقاب أكثر مما يمنح المعرفة.

المطلوب اليوم ليس إلغاء الماستر أو الدكتوراه، بل حماية قيمتهما. المطلوب إعادة الاعتبار للبحث الجاد، للتكوين الصارم، وللتميز الحقيقي… حتى لا تتحول الشهادة إلى مجرد ورقة جميلة، ويظل الخريج عاجزاً أمام أول اختبار مهني.

فهل نرى يوماً إصلاحاً يعيد الثقة للجامعة المغربية؟
وهل تسترجع الشهادة مكانتها العلمية قبل أن تتحول إلى عنوان للشك وسؤال دائم:
كيف يحصلون عليها… وهم يفتقرون إلى أبسط أدوات التكوين؟