يشهد فرع حزب التجمع الوطني للأحرار في مقاطعة يعقوب المنصور بالرباط حالة من الغليان والاحتقان غير المسبوقة. جاءت هذه الأزمة كرد فعل مباشر على اللقاء الأخير ضمن سلسلة “مسار الإنجازات” الذي ترأسه الأمين العام للحزب، عزيز أخنوش. كان اللقاء، الذي يُفترض به الاحتفاء بالمناضلين المحليين، قد تحول إلى مناسبة طغت عليها مظاهر الإقصاء والتهميش، مما أثار موجة استياء واسعة هددت بتقديم استقالات جماعية.
أكدت مصادر حزبية أن تجاهل المنتخبين المحليين كان واضحاً وصارخاً. فلم يُشر لا على المنصة الرسمية ولا في الصور المنشورة إلى 12 مستشاراً و6 منتخبين يمثلون الحي في مجلس مدينة الرباط. بينما أُتيح المجال لشخصيات “وافدة” من خارج المقاطعة لتتصدر المشهد. وصف مناضلون هذا التجاهل بأنه “إهانة معنوية” للكوادر التي تعمل على الأرض، وتتمتع بمعرفة مباشرة بمشاغل السكانفهناك 12 مستشاراً محلياً و6 منتخبين يمثلون الحي في مجلس مدينة الرباط يشكون غياب تمثيلهم على المنصة أو منحهم فرصة أخذ الكلمة.
لم يقف غضب المستشارين والمتعاطفين عند حدود اللقاء. فبعد الصمت الذي رافقه، توترت الاجتماعات التنظيمية اللاحقة، حيث عبر عدد من المستشارين عن استياء بالغ. بلغت حدة الاحتجاج حد التلويح بالاستقالة الجماعية إذا استمر ما وصفوه بـ “الهيمنة التنظيمية” و “السياسة الممنهجة” في تهميش المنتخبين المحليين.
جدير بالذكر أن الموقف الحالي يتعارض مع خطاب الحزب الرسمي الذي يؤكد على أهمية “الانخراط الفعال” و “الإصغاء المتمعن”، كما ظهر في أنشطة أخرى مثل “جامعة الشباب الأحرار”.
يرى متتبعون للشأن الحزبي أن ما حدث يفتح نقاشاً حول أسلوب تدبير الحزب لبرامجه الكبرى ومكانة الفاعلين المحليين داخل هياكله، ويحذرون من اتساع هذه الأزمة لتصل إلى القيادة نفسها.
تشير المعطيات إلى وجود صراع داخلي بين فئة الشباب الراغبة في الانخراط الفعلي وبين كوادر ترتبط بعلاقات مع رجال أعمال قادرين على تمويل الحملات الانتخابية. هذا يضع قيادة الأحزاب أمام مفترق طرق بين دعم الطاقات الشابة أو الاستمرار في نهج تقليدي يعتمد على التمويل الكبير.
مخاطر التوسع: تهدد أزمة يعقوب المنصور بأن تتحول إلى “كرة ثلج” قابلة للتمدد، مما قد ينقل حالة الغليان إلى فروع أخرى، خاصة في العاصمة الرباط، ويؤثر سلباً على الوجود الانتخابي للحزب في المنطقة.
تعتبر جماعة يعقوب المنصور تقليدياً من معاقل حزب الأصالة والمعاصرة، بوجود الوزير محمد المهدي بنسعيد كرجل قوي في الدائرة. وترجح مصادر أن يؤدي استمرار التهميش داخل حزب التجمع إلى رحيل المنتخبين المستائين عنه، وقد تكون وجهتهم “حزب التراكتور”، خاصة في ظل هذا الوجود التنافسي القوي.
تعكس هذه الأزمة التناقض بين الخطاب السياسي الذي يركز على “التخليق السياسي” و”نزاهة الاستحقاقات”، وبين الممارسات التي تثير علامات استفهام حول التمثيلية الحقيقية للقواعد المحلية.
ستكون قدرة القيادة الحزبية على التدخل العاجل وتدارك الموقف هي المعيار الفاصل بين احتواء أزمة محلية، أو انفجار قد يهز ثقة مناضلي الحزب ويقوض صورة التماسك التي يسعى إلى إظهارها، في وقت تشتد فيه المنافسة على الساحة السياسية.