جريدة

منخفض جوي يغرق خيام النازحين في غزة ويندر بكارتة

ميديا أونكيت 24

مع دقات الفجر الأولى يوم الأربعاء، لم يكن المطر الذي هطل على قطاع غزة نعمة، بل كان بداية فصل جديد من المأساة. حيث حولت الأمطار الغزيرة المصاحبة لمنخفض جوي قطبي عميق، يُعرف باسم “بيرون”، آلاف الخيام الهشة في مخيمات النزوح إلى برك مياه وطين، لتفاقم معاناة مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة.

وصف ناشطون المشهد بأنه “كارثي ومأساوي”، حيث أظهرت مقاطع فيديو متداولة انهيار الخيام وتطاير بعضها بفعل الرياح القوية، وتحول أرضياتها إلى مستنقعات.
في مشاهد مؤثرة، يُرى أطفال يرتجفون من البرد، وأمهات يحاولن إشعال نار مبللة، بينما يحمل آباء أطفالهم الرضع خارج خيام غمرتها المياه تماماً.

قالت نازحة في شهادة عبر وسائل التواصل: “ليلة في الخيمة من أسوأ ليالي الشتاء… فالخيمة ليلاً تتحول إلى ثلاجة بكل ما تحمل من معنى”. وحاول كثيرون إنقاذ متاعهم الوحيد برفع الفراش والملابس فوق صناديق بلاستيكية أو قطع خشب.

أصدرت الجهات الرسمية والدفاع المدني تحذيرات متكررة من تداعيات هذا المنخفض، الذي يحمل مخاطر كبيرة تشمل فيضانات وسيولاً وأمواج بحر عالية وعواصف رعدية.

قال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، الرائد محمود بصل، إن القطاع “مقبل على مشهد صعب للغاية”، وحذر من أن المخيمات الواقعة في مناطق منخفضة قد “تغرق بشكل كامل”، وأن المباني الآيلة للسقوط معرضة لأضرار جسيمة قد تؤدي إلى انهيارات وسقوط ضحايا. وأضاف أن “الحرب التي هدأت نسبياً تعود هذه المرة عبر موجات البرد والسيول”.

وأكد بصل في وقت سابق أن 93% من الخيام في القطاع لم تعد صالحة للإيواء بسبب الأحوال الجوية والأضرار الناجمة عن القصف. وشدد على أن الخيام “لا تصلح مطلقاً للعيش” ولا توفر الحد الأدنى من الحياة الآمنة أو الخصوصية، داعياً إلى توفير كرفانات سكنية آمنة كحل عاجل.

الوضع الإنساني المتدهور تفاقم بسبب نقص مواد الإيواء على نطاق كارثي. تشير تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى حاجة القطاع لأكثر من 300 ألف خيمة أو وحدة سكنية مسبقة الصنع لتأمين الحد الأدنى من المأوى. وتقدر الأمم المتحدة الحاجة لاستبدال 125 ألف خيمة على الأقل بشكل عاجل.

في خضم هذه الكارثة، تتهم جهات فلسطينية والمجتمع المدني إسرائيل بالتنصل من التزاماتها الإنسانية.

أكد الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، أن الخيام الحالية “غير صالحة لتحمل الأمطار أو برد الشتاء”، ولا سيما مع “قيود الاحتلال على إدخال الوقود”. وطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للسماح بإدخال الوقود والخيام.

تشير التقارير إلى أن إسرائيل تفرض قيوداً قاسية على إدخال المساعدات. فقد ذكر مسؤول إغاثي أن سلطات الاحتلال “لم تسمح منذ وقف إطلاق النار بدخول أي خيام أو كرفانات جديدة إلى القطاع”. كما قيل إن آلاف الشاحنات المحملة بمساعدات إنسانية تابعة للأونروا موجودة في مصر والأردن، لكن إسرائيل ترفض إدخالها.

دعا فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، إلى فتح كافة المعابر وتأمين لوازم الشتاء بشكل عاجل. بينما حذر جيمس هوبلر، مستشار السياسة الإنسانية بوكالة أوكسفام، من أن القيود المفروضة تقلص قدرة المنظمات الإنسانية على العمل.

تبقى الصورة الأكثر قسوة هي تلك التي لخصها ناشط على منصة “إكس” (تويتر سابقاً): “مأساة تُختصر في لحظات، ونجاة تليق بمعجزة”. ففي غزة، لم يعد الشتاء مجرد فصل من فصول السنة، بل تحول إلى تهديد وجودي مباشر لمئات الآلاف من البشر، في انتظار تحرك عاجل يمنع تحول هذه الأزمة الإنسانية الموسمية إلى كارثة لا تحتمل.