جريدة

تقرير الوكالة القضائية يكشف عن إشكاليات عقوبات العزل الوظيفي

ميديا أونكيت 24

كشف التقرير السنوي للوكالة القضائية للمملكة عن معطيات مثيرة تتعلق بالطعون القضائية الموجهة ضد القرارات التأديبية في القطاع العام، مع تسليط خاص على قضايا العزل بسبب ترك الوظيفة، مما يثير تساؤلات حول التوازن بين مشروعية القرارات الإدارية وحماية حقوق الموظفين.

وفقاً للتقرير، تمكنت الوكالة القضائية من تحصين عدد مهم من القرارات التأديبية، حيث أصدر القضاء أحكاماً برفض الطعون ضد عقوبات العزل، مؤكداً أن تلك القرارات كانت “مؤسسة قانوناً” و”متناسبة مع جسامة الأفعال المنسوبة”. إلا أن الصورة لم تكن وردية بالكامل، إذ أقر التقرير بصدور أحكام قضائية ألغت بعض قرارات العزل، مما دفع الوكالة إلى إخضاعها لدراسة تحليلية متعمقة.

كشفت الدراسة التحليلية عن “اختلالات بنيوية في تنزيل مسطرة الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي للوظيفة العمومية”، الذي ينظم عقوبة العزل بسبب ترك الوظيفة. وأوضح التقرير أن عددا من هذه الإلغاءات القضائية ارتبط بلجوء موظفين معزولين إلى الإدلاء بشواهد طبية تفيد بإصابتهم بأمراض نفسية أو عقلية، أكدت الخبرة الطبية القضائية صحتها.

وهو ما اعتبره القضاء “مانعاً قانونياً لاعتبار الغياب تركاً متعمداً للوظيفة”، مما يجعل تطبيق عقوبة العزل في مثل هذه الحالات مخالفاً للقانون.

أمام هذا الوضع، أوصت الوكالة القضائية الإدارات العمومية بعدد من الإجراءات التصحيحية، منهاتعزيز آليات المراقبة الاستباقية لمتابعة أوضاع الموظفين واعتماد المعاينة الميدانية للتحقق من ظروف الغياب مع اللجوء إلى الخبرة الطبية المضادة عند الاقتضاء لتقييم الحالات الصحية المقدمة.

تهدف هذه التوصيات إلى تحقيق توازن دقيق بين “حماية حقوق الموظفين من جهة، وصيانة مشروعية القرارات التأديبية من جهة أخرى”، كما جاء في التقرير الذي أبرز الدور الأساسي للوكالة القضائية في تدبير
يؤكد الخبراء أن هذه الإشكاليات القانونية والعملية التي أفرزتها بعض الأحكام القضائية “أثرت بشكل مباشر على مبدأ مشروعية القرارات الإدارية واستقرارها”، مما يستدعي مراجعة شاملة للإجراءات التأديبية في الوظيفة العمومية، خاصة في ظل تزايد حالات الأمراض النفسية والمهنية التي يحتاج معها الموظفون إلى حماية قانونية مناسبة، دون إغفال ضرورة الحفاظ على انضباط العمل الإداري وسير المرفق العام بانتظام.

يظل السؤال المطروح هو: كيف يمكن للإدارة العمومية تحقيق التوازن بين متطلبات الانضباط الوظيفي وواجب الرعاية الصحية والنفسية للموظفين في ظل نظام قانوني يحمي الطرفين؟