تعيش مدينة الجديدة، عاصمة دكالة وواجهة سياحية وتاريخية للمغرب، وضعًا بيئيًا وخدماتيًا يثير قلق الساكنة ويطرح تساؤلات حول فعالية المسؤولين المنتخبين وتدبير الشأن المحلي.
ففي جولة سريعة في شوارع وأحياء المدينة، يلاحظ الزائر قبل الساكن تراكم النفايات وانتشار الروائح الكريهة، في مشهد لا يليق بواجهة سياحية واقتصادية من المفترض أن تكون نموذجًا في جودة الحياة. ويُعزى هذا الوضع إلى غياب حملات نظافة منتظمة وضعف آليات المراقبة والتتبع، ما جعل الأزبال جزءًا مألوفًا من المشهد اليومي، وسط صمت الجهات المعنية.
ولا يقتصر الأمر على النظافة فقط، إذ تعاني المدينة من خصاص واضح في المرافق العمومية، سواء الصحية أو الرياضية أو الثقافية، ما يحرم فئات واسعة من السكان، خصوصًا الشباب والأطفال، من فضاءات تضمن لهم أبسط شروط العيش الكريم والترفيه والتكوين. كما أن الفضاءات الخضراء، التي تُعد متنفسًا حيويًا للمدن العصرية، شبه غائبة أو مهملة، حيث تحولت بعض الحدائق القليلة إلى أماكن غير صالحة للاستخدام، تفتقر للصيانة والأمن.

وتزيد معاناة الساكنة ضعف الإنارة العمومية في عدد من الأحياء، ما يعزز شعورًا بانعدام الأمن ويضاعف صعوبات التنقل ليلاً، خصوصًا بالنسبة للنساء وكبار السن. كما سجلت المدينة ارتفاعًا في الحوادث المرورية نتيجة غياب علامات التشوير وتعطل الإشارات الضوئية في مدارات ومحاور حيوية.
هذا الواقع يطرح سؤالًا جوهريًا: أين المسؤولون المنتخبون من كل هذه المشاكل؟ وأين الوعود الانتخابية التي رفعت شعارات التنمية وتحسين جودة العيش؟
ساكنة الجديدة لم تعد تطالب بالمستحيل، بل بحقوق أساسية تشمل نظافة منتظمة، مرافق عمومية لائقة، مساحات خضراء، إنارة كافية، وطرقات آمنة. والأهم من ذلك، الربط بين المسؤولية والمحاسبة، ووضع حد لمنطق التدبير بالحد الأدنى.
إن استمرار هذا الوضع لا يضر فقط بصورة المدينة، بل يعمق فقدان الثقة بين المواطنين والمؤسسات المنتخبة. وتظل رسالة الساكنة واضحة: الجديدة بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية، وتدبير مسؤول، ونزول فعلي للميدان، بدل الاكتفاء بالبلاغات والاجتماعات المغلقة. فالكلمة اليوم لم تعد كافية، والمدينة تحتاج إلى أفعال عاجلة قبل فوات الأوان.