المخرج المغربي فوزي بنسعيدي: عن قدرة السينما على تغيير العالم
وقال بنسعيدي الذي حل ضيفا على فقرة “حوار مع..” في إطار فعاليات الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، إن بإمكان مشهد سينمائي واحد أن يعبر عن فكرة قدرة الفن السابع على قلب المعايير وتغيير العالم، مثلها في ذلك مثل الحب تماما.
جاء ذلك تعليقا من بنسعيدي عن مشهد من فيلمه الكوميدي “يا له من عالم رائع” تظهر فيه البطلة (شرطية مرور)، وهي بصدد تنظيم حركة السير في مدار طرقي وسط المدينة بكامل الدقة وفي احترام تام للقواعد قبل أن يتقاطع نظرها مع رجل في طريقه لاقتعاد كرسي بمقهى مقابل للمدار بما يشي بإعجاب متبادل بين الطرفين، ليتحول الوضع إلى مشهد راقص لحافلات وسيارات ودراجات نارية تجوب المدار في اتجاهات متعاكسة لكن بتناغم وسلاسة وفي سمفونية تضط الشرطية إيقاعها بدقة أيضا.
صحيح أن الفيلم كوميدي، يقول بنسعيدي الذي تم تكريمه ومنحه “النجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورة هذه السنة، لكن المشهد جاء “كما لو أن السينما والحب قادران على تغيير العالم”.
وعن طريقة تحديد الفضاءات التي يصور فيها أعماله، قال بنسعيدي إنه لا يفضل توظيف كلمة (repérage) للتعبير عن هذه العملية، وإنما يختار الفضاءات بناء على عملية “كاستنيغ” تماما مثلما يحدث مع الممثلين.
ويوضح: “أزور الفضاءات وحدي قبل التصوير وفي أوقات مختلفة من اليوم لتحديد الوقت الملائم الذي تكون فيه أحسن حالاتها تماما مثلما هو الحال بالنسبة للممثلين، وعندها يمكن أن أحتقظ بالمشهد الذي كتبته لها أو أعيد كتابته وأبتكر لقطات جديدة” حسب السياق.
وفي معرض رده عن سؤال حول التجديد في أفلامه وما قد يطرحه ذلك من مجازفة، لم يتردد بنسعيدي في القول “أفضل أن أخطئ الموعد مع فيلم جيد بفكرة جديدة على أن أنجح في فيلم لا يكون سوى رقما إضافيا لقائمة أفلامي”. ويضيف “المهم أن نبقى أوفياء لشغفنا للسينما حبنا لها وعدم إفساح المجال للشعور بالملل، حتى وإن كان الفيلم الجديد ينطوي على نوع من التحدي والمجازفة”.
لا يفرق بنسعيدي بين أعماله ولا يفضل أحدها عن الآخر. ويقول في جواب تفاعلا مع أسئلة الجمهور الذي حضر اللقاء “علاقتي معها مثل علاقة أب مع أطفاله ولا يمكنه التمييز بينهم. كذلك أفلامي، فهي كلها قريبة إلى قلبي، وكل فيلم منها صنعته بحب وشغف وصدق كبير”.
دأب بنسعيدي على انتقاء ممثلين بعينهم لأداء أدوار في مختلف أفلامه، بمن فيهم زوجته نزهة رحيل ونادية كوندا وفهد بنشمسي ومحمد الشوبي وغيرهم. وهو أمر يعزى حسب قوله إلى أنه “يجمعني بهم الكثير من الحب والصداقة، بل لقد أصبحنا مثل عائلة واحدة”.
في جوابه عن سؤال حول علاقة المسرح بالسينما، يشير بنسعيدي إلى أن السينما طالما استفادت من ممثلين قدموا إليها من المسرح، لكن الفرق الكبير الذي أرصده بين الاثنين كون السينما أقرب من الموسيقى والهندسة المعمارية من المسرح.
وأخرج بنسعيدي فيلمه القصير الأول “الحافة” سنة 1997 الذي نال العديد من الجوائز، والفيلمين القصيرين “الحيط… الحيط”، المتوج في قسم “أسبوعي المخرجين” بمهرجان كان، و”خيط الشتا”، الذي توج في مهرجان البندقية.
وفاز فيلمه الطويل الأول “ألف شهر” (2003) بجائزتي النظرة الأولى ولجنة الشباب في قسم “نظرة ما” بكان. وأتبع ذلك بفيلم “يا له من عالم رائع” الذي عرض في مهرجان البندقية. وفاز فيلمه الموالي “بيع الموت” (2011)، المتوج بجائزة “فن وتجريب” في مهرجان برلين، ثم أخرج فيلم “وليلي” (2017) الذي تم اختياره في قسم “أيام البندقية”، ونال سبع جوائز في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.
كما أخرج بنسعيدي فيلم “أيام الصيف”. وتم عرض أحدث أفلامه الطويلة “الثلث الخالي” في قسم “أسبوعَي المخرجين” بمهرجان كان سنة 2023. وفوزي بنسعيدي هو أيضا ممثل، فقد لعب في أفلام برتراند بونيلو، نذير مقناش، داود أولاد السيد وجاك أوديار.
وإلى جانب بنسعيدي، تستضيف فقرة “حوار مع..” للدورة العشرين من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش عشرة من كبرى أسماء السينما العالمية، حلت بمراكش لتشارك الجمهور العديد من الحكايات المشوقة والنقاشات المفتوحة حول رؤيتها للسينما وممارساتها المهنية، وتبادل خبراتها بكل حرية معهم.
ويتعلق الأمر بكل من الممثل والمخرج الأسترالي، سيمون بيكر، والمخرج الهندي، أنوراغ كاشياب، والمخرج الفرنسي، برتراند بونيلو، والممثل الأمريكي، ويليم دافو، والمخرجة وكاتبة السيناريو اليابانية، نعومي كواسي، والممثل الدانماركي، مادس ميكلسن، والممثل والمخرج الأمريكي الدانماركي، فيجو مورتنسن، والممثلة الاسكتلندية، تيلدا سوينتون، والمخرج وكاتب السيناريو الروسي، أندري زفياجينتسيف، إلى جانب الممثل والمخرج وكاتب السيناريو الأمريكي مات ديلون.