جريدة

اقراص الأجهاض يستنفر حقوقيين بالمغرب

أتار ت ملف المواد التي يتم  استعمالها في تسهيل عمليات الإجهاض موضوعا لم تنته السجالات بشأنه، لكونه يظل بأبعاد متقاطبة وملتبسة؛ فهو من جهة “مشكلة قانونية” تقع تحت طائلة العقاب الجنائي، ومن جهة أخرى هو “شر لا بد منه” أمام غياب “التأهيل التشريعي” لموضوع الإجهاض رغم الخلاصات التي اهتدت إليها اللجنة الملكية بتحديد بعض الحالات التي يتعين أن يدرجها القانون الجنائي لتدبير “الإيقاف الإرادي للحمل”.

 

 

 

ولاية أمن أكادير حرّكت النقاش مرة أخرى بعدما رصدت إعلانات منشورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تعرض هذه الأقراص للبيع، وتمكنت من توقيف شقيقتين، تبلغان من العمر 29 و33 سنة، وذلك للاشتباه في تورطهما في قضية تتعلق بحيازة وترويج أدوية مهربة من شأنها الإضرار بصحة المواطنين. وعادت الأسئلة حول استمرار هذه “الثغرات” رغم “القلق الحقوقي” الذي جرى التعبير عنه مرارا بهذا الخصوص.

 

 

 

 

البروفيسور سعد أكومي، الذي كان عضواً في اللجنة الملكية الخاصة بالموضوع، قال إن “التشريع القانوني لإدراج الإجهاض بشكل آمن يستدعي منح الأولوية للحالات التي حدّدتها اللّجنة الملكية، كالحمل الناتج عن اغتصاب، أو الناتج عن زنا المحارم، وكذلك حالات التشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين”، مؤكدا أن “كيفية الإجهاض وهذه الأقراص غير القانونية التي توزع بشكل عشوائي لابد من التعامل معها بحزم”.

 

 

 

 

وأوضح أكومي، الأخصائي في طبّ النساء والتوليد، في تصريحه لهسبريس، أن “وسيلة الإجهاض تحدّد حسب الحالات الشّخصية، وحسب تقرير الطبيب، لأن من ضمن الحالات التي أوصت بها اللجنة الملكية أن يشكل الحمل خطراً على حياة الأم أو على صحتها”، لافتا إلى “ضرورة التفكير اليوم في تقنين هذه الحالات وتجنيب النساء الاصطدام بالوسائل التّقليدية أو بحبوب غير منصوح بها طبيّا في حالات كثيرة، وهو ما قد يضعنا أمام آفات أخرى”.

 

 

 

 

 

ودعا البروفيسور ذاته إلى “إدراج هذه الاستثناءات ضمن القانون الجنائي المقبل، لقطع الطريق كذلك على الذين يستغلّون هذا الوضع، إذ توجد إفادات موضوعية تبرز أن الإجهاض السّري يُجرى بشكل يومي في المغرب”، معتبراً أن “اللجنة كانت واضحة في تصوراتها ولم تصطدم مع الجانب الديني الذي يعد أساسيا، وإنما كان الرهان هو تخليص هذا الموضوع من العشوائية والخطورة، وأيضا الأقراص المحظورة التي تستغلها جهات للاغتناء خارج القانون”.

 

 

 

إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أشار إلى “القلق الذي مازالت تشكله هذه الحبوب التي يتم تداولها بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وداخل العلب الليلية”، مؤكداً على “أهمية وضع تصور شمولي، فيه القانوني والتربوي، وعدم تجريم الحمل خارج الزواج، ومتابعة النساء بقضايا الفساد”، وقال: “هؤلاء النساء هن أحيانا ضحايا لشبكات الاتجار بالبشر وامتهان الجنس، وهو ما يجب الحد منه”.

 

 

 

 

ولفت السدراوي إلى “حق الجنين في الحياة أيضا”، مستحضرا “النقاشات التي تدافع عن الإيقاف الإرادي للحمل بشكل نهائي دونما تفكير في الجنين”، وزاد: “الموضوع ليس بهذه السطحية، بل هو نقاش مجتمعي عميق وشائك، يستدعي التصدي لكل من يروج لهذه الحبوب التي تنهي الحمل، واتضح في مرات عديدة أنها تأتي من إسبانيا وتوضع رهن إشارة النساء بلا استشارة طبية بكل ما يشكله ذلك من خطورة”.

 

 

 

 

 

واعتبر الحقوقي ذاته أن “الوقت حان لتشديد المراقبة على هذه الشبكات التي تتاجر بهذه الأقراص، وصارت تتقوى بحكم ممارسة أنشطتها في الخفاء وفي مجموعات مغلقة على مواقع التواصل الاجتماعي”، منبها إلى “غياب الوعي بالقانون والحاجة إلى تأهيل تشريعي يستطيع أن يستدمج مختلف التحولات التي طرأت على المجتمع المغربي، ومعاقبة كل من يتورط في ترويج تلك الأقراص بعقوبات ثقيلة ورادعة، لكونها تنطوي على حد من الخطورة قد يتسبب في الوفاة أو في عاهات مستديمة”.