دخلت إلى رفح الثلاثاء دبابات الجيش الإسرائيلي الذي سيطر على هذا المعبر الحدودي مع مصر جنوبي قطاع غزة، ما أدى إلى توقف وصول المساعدة الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم الثلاثاء، عن قلقه من التحركات العسكرية الإسرائيلية عند معبر رفح، وأن الهجوم على رفح قد يمثل كارثة إنسانية.
بعد سبعة أشهر على بدء الحرب مع حماس نشر الجيش صورا تظهر دبابات ترفع العلم الإسرائيلي تنتشر في رفح من الجانب الفلسطيني للمنطقة الحدودية، مؤكدا أنه يشن عملية “مكافحة إرهاب” في “مناطق محددة” شرق رفح.
وأوقع القصف ليلا على المدينة 27 قتيلا على الأقل، بحسب اثنين من مستشفيات رفح.
وكان الجيش دعا الإثنين إلى إخلاء المناطق الشرقية من رفح، وأمر السكان بالتوجه نحو “مناطق إنسانية” قال إنه أقامها في المواصي شمال شرق المدينة، استعدادا لهجوم بري يعد له رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بهدف القضاء على آخر معاقل حماس، وفق تعبيره.
منع وصول مواكب إنسانية
أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء أن إسرائيل منعتها من الوصول إلى معبر رفح، بوابة العبور الرئيسية للمساعدة الإنسانية الحيوية لسكان غزة، من مصر.
وفي مصر “منعت مئات الشاحنات المحملة بالوقود والمساعدة الإنسانية” من الدخول بعد إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، بحسب مصادر مصرية.
وإثر ذلك قالت الأمم المتحدة الثلاثاء إن مخزونها من الوقود المخصص للعمليات الإنسانية في قطاع غزة يكفي ليوم واحد فقط.
وفيما تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية من المرتقب أن تجري محادثات جديدة في القاهرة بعد موافقة حماس على مقترح عرضته الدول الوسيطة في محاولة لوقف الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر، حين شنت حماس هجوما غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية.
ومع أنها قالت إن مقترح حماس “لا يلبّي” مطالبها قالت إسرائيل إنها سترسل وفدا للقاء الوسطاء.
من جهتها قالت سلطات حماس الثلاثاء إن “الاحتلال الإسرائيلي” يتعمّد تأزيم الوضع الإنساني بإيقاف إدخال المساعدات وإغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، واستهداف المستشفيات والمدارس بعدوانه على شرق رفح.
“الرحيل نحو غرب” رفح
وأعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي صباح الثلاثاء: “في الوقت الحالي هناك قوات خاصة تفتّش معبر رفح. لدينا سيطرة عملانية على المنطقة والمعابر الأخرى، ولدينا قوات خاصة تقوم بمسح المنطقة”، وزاد: “نحن نتحدث فقط عن الجانب الغزِّي من معبر رفح”.
وقال الجيش إنه حصل على معلومات بأن حماس تستخدم الجانب الغزي من معبر رفح بعد إطلاق صواريخ الأحد على معبر كرم أبو سالم أدى إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين.
والثلاثاء أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية، إطلاق صواريخ على موقع عسكري قرب معبر كرم أبو سالم. وقالت في رسالة نصية قصيرة: “قصفنا تحشدات قوات العدو في موقع كرم أبو سالم العسكري بمنظومة الصواريخ رجوم قصيرة المدى من عيار 114 ملم”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن هذه الصواريخ أطلقت من منطقة رفح في أعقاب توغل آلياته.
والإثنين استجاب آلاف الفلسطينيين من رجال ونساء وأطفال، ومعظمهم نازحون من الحرب، لأمر الإخلاء، وحملوا بعض أمتعتهم وإن لم يعرفوا إلى أين يتجهون.
وقال حنا صالح، وهو أربعيني نزح من شمال قطاع غزة: “نحن خائفون جدا. ليس من السهل التنقل من مكان إلى آخر… سنرحل نحو غرب رفح لكننا لا نعلم تحديدا إلى أين. وكل الناس يطرحون هذا السؤال”.
وألقى الجيش منشورات تدعو السكان إلى إخلاء مناطقهم، مؤكدا أنه قام بتوسيع “المنطقة الإنسانية في المواصي التي تضم مستشفيات ميدانية وخيما وكميات كبيرة من الأغذية والمياه والأدوية، وغيرها من الإمدادات”.
“ضغوط على حماس”
مساء الإثنين أعلنت حماس أنها أبلغت الوسيطين القطري والمصري “موافقتها على مقترحهما” للهدنة.
وقررت إسرائيل إرسال وفد إلى القاهرة، فيما أعلنت قطر أيضا عن إرسال وفد إليها لاستئناف المحادثات غير المباشرة.
وأوضح القيادي في حركة حماس خليل الحية لقناة “الجزيرة” القطرية أنّ المقترح يتضمّن ثلاث مراحل، مدة كلّ منها 42 يوما، “بهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار”، مضيفا أنّ الصيغة تشمل “انسحابا كاملا من غزة وعودة النازحين وتبادلا للأسرى”.
وترفض إسرائيل الانسحاب الكامل لقواتها من غزة والوقف الدائم لإطلاق النار، قائلة إن الهدف هو “هزيمة” حماس، لكي لا تتكرّر أحداث 7 أكتوبر.
واندلعت الحرب بعد هجوم غير مسبوق لحركة حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخُطف أكثر من 250 شخصا مازال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 35 منهم، وفق مسؤولين إسرائيليّين.
وتعهدت إسرائيل، ردّا على الهجوم، بـ”القضاء” على حماس، وتنفذ منذ ذلك الوقت حملة قصف مدمّرة وعمليات برية في قطاع غزة، تسبّبت في سقوط 34789 قتيلا، غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
في المواقف الدولية، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الإثنين إنه وجه نداء “قوياً جداً إلى الحكومة الإسرائيلية وقيادة حماس لبذل جهد إضافي من أجل التوصّل إلى اتفاق، وهو أمر حيوي للغاية”، وزاد: “هذه فرصة لا يمكن تضييعها”.
وقال غوتيريش: “إنّ اجتياحا برّيا لرفح سيكون أمرا لا يُحتمل بسبب عواقبه الإنسانية المدمّرة وبسبب تأثيره المزعزع للاستقرار في المنطقة”.
كما عبر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، عن قلقهم الشديد بعد الضربات الإسرائيلية على رفح ونشر الدبابات الإسرائيلية في المدينةـ وسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من المعبر مع مصر، وحذروا من العواقب الإنسانية.
وقالت وزيرة التعاون والتنمية البلجيكية كارولين غينيز: “يجب أن يكون هناك خط أحمر … إغلاق الحدود (مع مصر) يهدد ملايين الأشخاص بالمجاعة. ومن الواضح جدا أن القانون الدولي لم يعد يُحترم في غزة”.
وأضافت الوزيرة قبل اجتماع مع نظرائها من الدول الـ27 في بروكسل: “من المهم أن نعطي إسرائيل إشارة صحيحة وبالإجماع لكي يتوقف العنف … يجب أن نضمن أن جميع الأدوات المتوافرة لدينا مطروحة على الطاولة، بما يشمل العقوبات”.