يبدو أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، عادت من جديد من بوابة البيت الأبيض، الذي أعلن الثلاثاء، أن الرئيس جو بايدن وقع تعريفات جمركية على مجموعة واسعة من الواردات الصينية، تبلغ قيمتها 18 مليار دولار.
وتتضمن السلع التي ستشهد تعريفات جمركية جديدة أو زيادة على تعريفات قائمة، أشباه الموصلات والبطاريات والخلايا الشمسية والمعادن والسيارات الكهربائية، ورافعات الموانئ والمنتجات الطبية، والألمنيوم.
استنساخ لتجربة ترامب
القرار الأمريكي يأتي بعد أكثر من 4 سنوات على توقيع الرئيس السابق دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ اتفاقا يوقف حربا تجارية اندلعت منذ 2017، وشهدت تبادل رفع التعريفات الجمركية على سلع البلدين.
كما يأتي القرار بعد شهر من تعهد ترامب بذل جهود جديدة لقطع التجارة بين الولايات المتحدة والصين إذا تم انتخابه مجددا في نوفمبر/تشرين ثاني المقبل.
ويشترك ترامب وبايدن اللذان يتنافسان بالانتخابات الرئاسية الخريف المقبل، في الولع الخطابي بضرب الممارسات الاقتصادية الصينية، بما في ذلك اتهام الصينيين بالغش في التجارة العالمية.
كما يشتركان في سياسة أساسية لمواجهة بكين: مئات المليارات من الدولارات من الرسوم الجمركية، أو الضرائب، على الواردات الصينية.
إحدى أبرز التعريفات الجمركية الجديدة، تتضمن زيادة الرسوم على السيارات الكهربائية بمقدار أربعة أضعاف لتصل إلى 100 بالمئة، وزيادة الرسوم المفروضة على منتجات الصلب والألمنيوم ثلاث مرات إلى 25 بالمئة، ومضاعفة الرسوم على أشباه الموصلات إلى 50 بالمئة.
لكن الحرب التجارية التي يشنها بايدن تختلف عن حرب ترامب في جوانب مهمة.
فبينما كان ترامب يحاول إعادة مجموعة واسعة من وظائف المصانع التي تم الاستعانة بمصادر خارجية فيها للصين؛ يسعى بايدن إلى زيادة الإنتاج والوظائف في مجموعة مختارة من الصناعات الناشئة ذات التقنية العالية، كالطاقة النظيفة مثل السيارات الكهربائية، التي لا يُظهر ترامب اهتماما كبيرا بتنميتها.
وفي خروج حاد عن موقف ترامب الذي يعتمد العمل بمفرده، تعتمد استراتيجية بايدن على جمع الحلفاء الدوليين معا لمواجهة الصين من خلال مزيج من الحوافز المحلية، وربما الرسوم الجمركية المنسقة على البضائع الصينية.
وبينما يتنافسان على البيت الأبيض مرة أخرى، يعد كل من بايدن وترامب بزيادة الضغط التجاري على الصين، التي يتهمها الرجلان بممارسات تجارية غير عادلة تضر بالعمال الأمريكيين.
ردة فعل صينية
بالعودة إلى عام 2017 عندما فرض ترامب تعريفات جمركية على السلع الصينية، كان رد بكين دبلوماسيا في مراحله الأولى، بالإشارة إلى أن الخطوة الأمريكية تتعارض وقوانين منظمة التجارة العالمية.
كما حذرت بكين دول العالم من أن الخطوة الأمريكية من شأنها إحداث فوضى في سلاسل إمدادات السلع، قبل أن ترد بالمثل، بفرض نسب مماثلة على سلع قادمة من الولايات المتحدة.
الصين الملقبة بـ”مصنع العالم” تعتبر موردا رئيسا للسلع إلى السوق الأمريكية، وهي متضررة من أية جمارك قد تفرض على أي نوع من السلع التي تصنعها.
على سبيل المثال، بلغ حجم التجارة الصينية مع الولايات المتحدة 664 مليار دولار خلال العام الماضي، منها أكثر من 500 مليار دولار صادرات صينية.
لكن صادرات الصين إلى الولايات المتحدة في 2023، سجلت أكبر نسبة تراجع منذ 3 عقود، بنسبة هبوط بلغت 13.1 بالمئة مقارنة مع 2022.
وجاء التراجع بعد أن كثفت واشنطن جهودها لتقليل المخاطر في سلاسل التوريد الخاصة بها منذ نهاية جائحة كورونا، من خلال تقليل الاعتماد على الصين كقاعدة إنتاج.
المخاطر تواجه الصين
وبينما قد تكون ردة الفعل الصينية مماثلة لما جرى في 2017، إلا أن الواقع الاقتصادي في بكين متراجع هذا العام بسبب صعوبات اقتصادية.
وتخشى بكين أن تتسع دائرة الجمارك المفروضة عليها، ما يعني مزيدا من المخاطر التي تحدق باقتصادها الذي يتوقع نموه قرب 4.8 بالمئة خلال 2024، وهو قرب أدنى مستوياته في 3 عقود.
ويشكل الانكماش العقاري أكبر خطر على النمو في الصين هذا العام، إلى جانب انخفاض التضخم وضعف الاستهلاك المحلي، وسط خشية من دخول عامل ثالث قوي قادم من البيت الأبيض.