مع اقتراب المغرب من الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، بدأت ملامح السباق السياسي تتشكّل في وقتٍ مُبكّر، وسط مؤشرات على تحوّلات قد تُعيد رسم خريطة التحالفات، خاصة مع تراجع شعبية حزب “التجمع الوطني للأحرار” (RNI) الحاكم، مقابل صعود متوقّع لأحزاب مثل “الاستقلال” و”الحركة الشعبية”.
في هذا السياق، تُظهر استطلاعات الرأي، ومنها دراسة حديثة لـ”أفروبارومتر”، أن نسبة عدم الرضا عن أداء رئيس الحكومة عزيز أخنوش بلغت 61%، وهو ما يُنذر بتغيّرات كبرى في موازين القوى، في ظلّ تركيز الناخبين على ملفّات مُلحّة مثل الغلاء وتدهور القدرة الشرائية.
1. تراجع RNI: إدارة الأزمة أم نهاية الموجة الليبرالية؟
تشير التقديرات الميدانية إلى أن حزب أخنوش قد يفقد نصف مقاعده تقريبًا، لينزل إلى مستوى 40-60 مقعدًا (مقابل 102 في 2021)، بسبب فشله في تحقيق وعوده الاقتصادية، وفق تحليل مراكز بحثية.
وفي تصريح له لوسائل الإعلام قال الخبير السياسي عبد الله ساعف أن الانتخابات المقبلة ستكون اختبارًا لـ”مدى رسوخ الموجة الليبرالية التي قادها RNI”، أم أنها كانت مجرد ظرف عابر.
2. صعود الأحزاب التقليدية: الاستقلال والحركة الشعبية في الواجهة
في المقابل، يُتوقّع أن يحقّق حزب “الاستقلال” قفزة إلى 85-95 مقعدًا (بزيادة تُقدّر بـ 15 مقعدًا)، بفضل خطابه الاجتماعي المحافظ وارتباطه التاريخي بالقاعدة الشعبية، بينما قد تعود “الحركة الشعبية” بقوة (65-80 مقعدًا) عبر التركيز على مطالب الجهات المهمّشة، لا سيما في المناطق الأمازيغية والريف.
3. PAM: “ورقة رابحة” في المعادلة
يظلّ حزب “الأصالة والمعاصرة” (PAM) لاعبًا محوريًا، إذ يُمكنه أن يكون “حجر الزاوية” في أي ائتلاف حكومي، خاصة إذا حافظ على كتلته النيابية الحالية (44 مقعدًا)، بفضل تحالفه المرن مع RNI أو الاستقلال.
4. فجوة الثقة: الأصوات الملغّاة تنذر باحتجاج صامت
تُحذّر تقارير دولية، مثل “مؤشر التحوّل الديمقراطي” (BTI)، من اتساع فجوة الثقة بين الأحزاب والناخبين، حيث ارتفعت الأصوات الملغّاة في المدن الكبرى خلال الانتخابات الأخيرة، ما يعكس سخطًا على الأداء العام للنخب السياسية.
5. سيناريوهات ما بعد 2026: صراع التحالفات واستمرار الأزمة
يطرح الخبراء ثلاثة سيناريوهات محتملة:
1استمرار التحالف الليبرالي (RNI + PAM) لكن بأغلبية هشّة.
2تحالف تقليدي بقيادة “الاستقلال” مع أحزاب محافظة.
3َمفاجآت انتخابية بصعود حركات جديدة تستغلّ السخط الشعبي.
انتخابات مصيرية في ظلّ تحديات اقتصادية
تُشكّل انتخابات 2026 محطة حاسمة للمشهد السياسي المغربي، ليس فقط لتراجع أو صعود أحزاب بعينها، بل لاختبار قدرة النظام الحزبي على استعادة ثقة المواطنين، في ظلّ تحديات معيشية غير مسبوقة. السؤال الأكبر هل ستُترجم الصناديق غضب الناخبين إلى تغيير جذري، أم ستُكرّس الواقع الحالي ؟