جريدة

شكوى دولية لإسرائيل ضد “حزب الله”.. خطة جديدة أم اختلال في موازين القوى؟

في خطوة وصفها مراقبون بـ “اختلال موازين القوى”، تقدمت إسرائيل بشكوى ضد لبنان إلى مجلس الأمن الدولي عبر سفيرها لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان.
وقالت وسائل إعلام لبنانية إن إسرائيل تقدمت بشكوى ضد لبنان، إلى مجلس الأمن الدولي، مشيرة إلى أن الشكوى “تتمحور حول التوترات على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان”.
وجاء في الشكوى أن “التوترات على الحدود الشمالية أعلى مما كانت عليه منذ سنوات، نتيجة التصعيد العدواني لحزب الله، والانتهاك الصارخ لقرارات مجلس الأمن الدولي والتطورات العسكرية الخطيرة”.
وحذرت من أنه “إذا لم يقم مجلس الأمن بإدانة أنشطة حزب الله المزعزعة للاستقرار، ويطلب من لبنان اتخاذ خطوات ضد الحشود العسكرية غير القانونية في أراضيه، أو على الأقل تمكين اليونيفيل من تنفيذ تفويضها بالكامل، فإن الوضع على الأرض سيستمر في التدهور وستكون العواقب بعيدة المدى وكارثية”.
وقال مراقبون إن الشكوى الإسرائيلية تؤكد اختلال موازين القوى، وخوف تل أبيب من “حزب الله” ومحور المقاومة، لا سيما في ظل أحداث مزارع شبعا والجنوب.

ضعف إسرائيلي

اعتبر الدكتور علي عبدو، الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، أن هناك أمورا إيجابية في توجيه إسرائيل شكوى ضد لبنان، وهي أنها “أصبحت أكثر اعترافا بمجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة بشكل عام، من الاعتماد على القوة والمجازر والتنكيل وخرق سيادات الدول واحتلالها وضرب القوانين الدولية عرض الحائط، حيث بات العالم في زمن ترويض الكيان”.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك“، الأمر الإيحابي الآخر “أن إسرائيل بعثت برسائل عبر وسيط فرنسي للبنان طلبا للتهدئة وتجنب انزلاق الأمور للحرب، بدلا من نقل رسائل تهديد عبر الوسيط الأمريكي، وهو تحول جوهري يشير إلى حجم التغيرات التي تحصل في المنطقة والعالم”.
واعتبر عبدو أن إسرائيل بهذه التحركات “لا تريد المواجهة مع لبنان بل تخشاها، إذ أنها تسعى للاستقرار في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة في تاريخ الكيان، في الوقت نفسه لا تملك إسرائيل ترف الوقت، وتضيق أمامها الخيارات مع تنامي قوى محور الممانعة وتحديدا المقاومة في لبنان”.
فيما يتعلق بالشكوى، قال المحلل السياسي إن لبنان هي الدولة المعتدى عليها وليس العكس، ومن يحق له التقدم بعدد من الشكاوى، وقد فعل ذلك مرارا، لكن السؤال ما الذي تحقق منها للمصلحة اللبنانية، وماذا قدم مجلس الأمن للبنان في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
وأكد أنه “لولا وجود المقاومة والالتفاف الوطني ووحدة الصف اللبناني لكان لبنان تحت الاحتلال الإسرائيلي حتى اليوم”، مضيفا: “المفارقة اليوم أن إسرائيل من تقدم الشكوى، وهذا أمر جيد أن تعترف إسرائيل بوجود مجلس أمن ومؤسسات ومنظمات وقوانين دولية يجب احترامها، لكن يبقى السؤال كيف ينظر مجلس الأمن لهذه الشكوى في ظل ازدواجية المعايير الواضحة”.
وأوضح عبدو أن إسرائيل بسبب ضعف موقفها وعدم قدرتها على المواجهة، والخلافات الداخلية وتراجع التأييد الدولي والرأي العام العالمي لها “تحاول أن تسلك مسارا آخر تسعى من خلاله إظهار نفسها على أنها تحترم المؤسسات والقوانين الدولية، وترمي بهذا الضعف على مجلس الأمن، في ظل الدعم الظاهر لإسرائيل من بعض الدول في مجلس الأمن، تحديداّ الولايات المتحدة وبريطانيا”.
واعتبر أن “هذه الخطوة تدفع هذه الدول لتحمل مسؤولياتها، وكأن إسرائيل تقول إنها باتت عاجزة عن الحفاظ على كيانها الذي يخدم الغرب بشكل أساسي”، لافتًا إلى تزامن هذه الخطوات مع قرب التجديد لقوات اليونيفيل في لبنان.
واستدرك عبدو “لكن لبنان بدلا من استغلال ضعف إسرائيل ومواقفها والمتغيرات التي تحصل في غير مصلحتها، يغرق في الأزمات، ولا يستطيع استثمار هذا الأمر لفرض شروطه في العديد من الملفات، فيما يبقى الرهان على قوة المقاومة وتماسك الساحة الداخلية اللبنانية في هذه المرحلة الصعبة والتي يتغير معها وجه المنطقة”.

اختلال موازين القوى

من جانبه، قال ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن ادعاءات إسرائيل لمجلس الأمن “دليل على تبدل موازين القوى، حيث كانت إسرائيل دائما تتحرش وتستعرض قوتها وتحتل المدن، فيما يذهب العرب إلى مجلس الأمن ولا يحصلون إلا على قرارات شكلية غير قابلة للتنفيذ، وهذه الشكوى تؤكد على اختلال الموازين”.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فقد أعلن “حزب الله” والمقاومة اللبنانية منذ فترة الانتقال من الدفاع للهجوم، وأجرت مناورات علنية تستعرض من خلالها قوتها، وتؤكد أنها أصبحت جاهزة وقادرة على تحرير شمال فلسطين.
وأوضح عوض أن إسرائيل “أكدت على زرع المقاومة لخيامها في منطقة مزارع شبعا التي هي بالأصل لبنانية، وتقوم باستعراض قوتها ونشرها عبر الحدود، لأنها تدرك حجم ومدى الاختلال الواضح بموازين القوى وتسعى من خلال هذه الاستعراضات إلى إبراز عناصر قوتها وضعف الكيان الإسرائيلي أمامها”.
وفيما يتعلق بإمكانية أن تؤدي هذه التحركات إلى حرب قريبة، قال المحلل السياسي إن “المقاومة تنتظر أي خطوة إسرائيلية تبرر وتستدعي الاشتباك، وإسرائيل تعيش في هاجس الحرب الكبرى التي أعلن عنها السيد حسن نصر الله، والتي ستبدأ بتحرير فلسطين من شمالها إلى جنوبها”.
وكانت إسرائيل قد حمّلت في شكواها أمس لمجلس الأمن الدولي “الحكومة اللبنانية المسؤولية عن أي هجوم ينطلق من الأراضي اللبنانية”، مهددة بأنها “لن تقبل بأي اعتداء على سيادتها وأمنها، وستتخذ الإجراءات الضرورية لحماية مواطنيها وأراضيها”.
واتهمت الشكوى “حزب الله بأنه تجاوز قبل أسابيع أراضٍ خاضعة للسيادة الإسرائيلية، وأقام عليها منشأتين عسكريتين، كما أنه نظم مناورة عسكرية واسعة، تخللها إطلاق نار حي”، مضيفة أن “حزب الله حاول أيضا في 12 يوليو (تموز) الماضي، تخريب السياج الأمني وعمد إلى تخريب أجهزة مراقبة عليه”.
وحسب الرسالة الإسرائيلية لمجلس الأمن، اتهمت إسرائيل مجموعة من 18 شخصًا في 15 يوليو الماضي، بينهم النائب اللبناني قاسم هاشم، بتجاوز الخط الأزرق، وخرق القرار 1701، متهمة أيضا حركة “حماس” الفلسطينية بإطلاق الصواريخ من لبنان باتجاه فلسطين، في 6 أبريل/ نيسان الماضي.
وتحتج إسرائيل على قيام “حزب الله” اللبناني بنصب خيمة على الحدود، منذ يونيو/ حزيران الماضي، وطالبت بإزالتها، فيما يقول لبنان إن الخيمة داخل الأراضي اللبنانية، مطالبًا إسرائيل بالانسحاب من الجزء اللبناني الذي تسيطر عليه من قرية الغجر.
والشهر الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إنه تعامل مع عناصر من “حزب الله” حاولوا استهداف السياج الحدودي بين البلدين، ونشر شريطا مصورا يظهر انفجار ما بدا أنها قنبلة، على مسافة قريبة جدا من 4 أشخاص على الحدود، ركضوا بعد ذلك داخل الأراضي اللبنانية.
كما دعا “حزب الله”، في الآونة الأخيرة، الدولة اللبنانية إلى التحرك لمنع تثبيت احتلال إسرائيل للقسم اللبناني من قرية الغجر الحدودية الصغيرة، والتي تحتل إسرائيل جزءا منها، منذ حرب 5 يونيو 1967.