جريدة

بعتة الائمة المغاربة تتوجه الى أوروبا خلال شهر رمضان وشبح الاسلاموفوبيا يخيم على الاوظاع.

يستعد العديد من الأئمة المغاربة للتوجه إلى جملة من بلدان القارة الأوروبية كفرنسا وإسبانيا وهولندا والسويد والدنمارك وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا، وحتى كندا في القارة الأمريكية. وتتجلى المهمة الأساسية لهذه البعثات في إمامة المصلين، وإلقاء المحاضرات الدينية في المساجد ودور العبادة، وتقوية الأواصر لدى المهاجرين المغاربة مع نمط التدين المغربي الذي يقفُ على طرف نقيض مع التطرف.

 

 

 

وأمام الإكراهات المطروحة على الملّة الإسلامية في أوروبا نتيجة تنامي “الإسلاموفوبيا”، فإن “الصورة المعتدلة” التي يقدمها الأئمة المغاربة تمثل، من جهة أخرى، جواباً عن جملة من الأسئلة المطروحة على الدين الإسلامي بشكل عام في بلدان “المارد الأوروبي”. كما أن هذه البعثات تقدم تفسيرات تنطلق من الوسطية والاعتدال فيما يهم مجمل الإشكالات الدينية التي تعترض أفراد الجالية المغربية وغيرها.

 

 

 

 

“خطوة تحصينية استباقية”
خالد التوزاني، رئيس “المركز المغربي للاستثمار الثقافي”، قال إن “إرسال الأئمة والمقرئين إلى حيث يقيم مغاربة العالم يأتي ضمن مهام مؤسسة إمارة المؤمنين في حفظ الأمن الروحي للمغاربة نظراً لكون الجالية المغربية المقيمة بالخارج تعدّ مكوناً مهماً من مكونات الأمة المغربية وجزءاً لا يتجزأ من المجتمع المغربي”.

 

 

 

 

 

ولفت التوزاني، في تصريحه لهسبريس، إلى “حرص المغرب على ترسيخ أواصر العلاقات بين الجالية المغربية ووطنها الأم المغرب وهويتها الدينية والوطنية”، مضيفا أن “المملكة المغربية دأبت في كل رمضان على إرسال عدد من الأئمة والمقرئين لتعزيز ارتباط الجالية بالبلاد، لاسيما خصوصيات الهوية الدينية القائمة على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وتصوف الإمام الجنيد ومؤسسة إمارة المؤمنين”.

 

 

 

 

 

وشدد على خدمة الأمر “لنموذج الوسطية والاعتدال في تدين المغاربة، إلى جانب قيم التسامح والتضامن والتواصل والسلم والانفتاح، وهي القيم التي يتقاسمها المغرب مع عدد من الدول الغربية، ويتحلى بها المغاربة في الخارج، وهو ما ساعدهم على الاندماج الإيجابي في المجتمعات المضيفة، مع حفاظهم على أصالة هويتهم وتشبثهم بالثوابت الدينية والوطنية للمملكة المغربية”.

 

 

 

 

 

 

وأضاف أن “إرسال الأئمة يمثل خطوة استباقية لمحاربة كل تيار دخيل أو مشوش على نمط التدين المغربي القائم على الكتاب والسنة، ومنع أي محاولة لزعزعة عقيدة مغاربة الخارج، خاصة مع تنامي تيارات الإلحاد الجديد وحركات التطرف العنيف وتيارات المد الشيعي وغير ذلك مما قد يحمل ضرراً بهوية هؤلاء المغاربة”.

“تقديم صورة”

 

 

 

 

 

منتصر حمادة، الباحث في “المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث”، قال إن “بعثة الأئمة والوعاظ المغاربة إلى الخارج خلال شهر رمضان، وخاصة إلى بعض الدول الأوروبية، تندرج في سياق التفاعل مع الطلب على هذه الفئة طيلة شهر رمضان، إما من أجل إمامة صلاة العشاء وبعدها صلاة التراويح، وهي المناسبة التي تحظى بأكبر نسبة من الحضور مقارنة بباقي صلوات اليوم، وإما من أجل دروس الوعظ والإرشاد”.

 

 

 

 

 

 

وأشار حمادة، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “هذه البعثات، بالإضافة إلى مساهمتها في تلبية الطلب الكبير عليها من قبل الجالية المغربية مثلا، فإنها تقدم صورة عملية على معالم التدين الإسلامي المغربي بالنسبة لغير المسلمين في الديار الأوروبية، ولا يمكن فصل هذا المعطى عن ظاهرة عايناها خلال العقد الماضي على الخصوص، عنوانها توصل المغرب رسميا بعدة طلبات من دول عربية وإفريقية وأوروبية بخصوص الاستفادة من تجربته في تدبير الحقل الديني”.

 

 

 

 

 

وسجل أن “النموذج المغربي، رغم التحولات أو التحديات التي تواجهه، لم يظهر بين ليلة وضحاها، وإنما نموذج أصيل وعريق، مرتبط بعراقة الدولة المغربية، باعتبارها إحدى أقدم مواطن المجال الإسلامي، فعمرها اثنا عشر قرناً على الأقل. كما أنه مرتبط بدور وثقل مؤسّسة إمارة المؤمنين، باعتبارها الساهرة على الأمن الروحي لمغاربة الداخل والخارج”.

 

 

 

 

 

وأبرز أن “المملكة تحظى حتى بولاء روحي لنسبة من شعوب المنطقة في منطقة الساحل، ومرتبط أيضا بتثبيت دعائمه خلال العقدين الماضيين على الخصوص، مع إطلاق مشروع إعادة هيكلة الحقل الديني، مشيرا إلى أنه “انطلاقا من هذه المحددات، فأي إمام أو واعظ مغربي هو تفعيل عملي لهذا النموذج الديني المغربي طيلة الحقبة التي يقضيها في الخارج إبان شهر رمضان، سواء لدى الجالية المغربية والجالية المسلمة أو لدى المجتمعات الأوروبية”.